اركبوا خيولكم، فركبوها.
قال عمار بن ياسر: لقد أذهلنا ما رأينا وراعنا ما شاهدنا، فقال لنا الإمام (عليه السلام) لا يهولنكم ما ترون من هؤلاء الجن، فوالله ما ترون منهم ومني هذا اليوم إلا ما تشيب منه الولدان وتتعجب ملائكة السماوات وتذهل الجن من فعالي.
فبينما الامام " ع " يخاطبنا ونخاطبه إذ خرج من الباب دخان مظلم فاسود منه الأفق وضاقت منه الأفواه بالأنفاس، فلم ينظر الرجل منا صاحبه واخذنا الصياح من كل جانب، وما كان إلا ساعة ثم انكشف وقد غشى على الصغير والكبير منا.
قال عمار: فلما أفقت نظرت إلى الإمام (عليه السلام) أتأمله فلم يتخوف من شئ ولا إضطرب له جارحة بل ازداد غيظا، وكان ذلك القصر له اثني عشر بابا، قلت:
يا سيدي ما انتظارك فقد أظلم الأفق علينا فاصنع ما أنت صانع؟ فعندها غضب الامام " ع " غضبا شديدا، وأقبل على الزبير بن العوام فقال " ع ": يا أبا عبد الله ما هذا وقت ركوب، انزل عن الحصان؟ فنزل عن جواده وأمره ان يأخذ سلاحه ويتقلد بسيفه وأخذ جحفة من خيزران وتعمم بعمامة صفراء، ثم قال: يا قيس كن على شمالي وأقبل المقداد وعمار بن ياسر وقال: تهيأوا للقاء الموت يرحمكم الله، وأقبل الإمام (ع) على من بقى من أصحابه وقال: احفروا في الأرض حفرة واقعدوا فيها واغمضوا أعينكم وأكثروا من القرآن ولا يهولنكم ما ترون، ثم انه جمعهم في موضع واحد وقرأ سورة طه، وقال للزبير وعمار وقيس والمقداد اتبعوني، والامام " ع " على رأسه عمامة النبي (ص) وذو الفقار في يمينه ودرقته في شماله وفي وسطه منطقة أخيه جعفر الطيار وهو كأنه الأسد، ثم صاح صيحة فإذا البر يرج.
قال عمار: فخرج من باب القصر عفريت يرمي بشرر النيران وصاح بنا صيحة واحدة فأجابه أصناف اللغات من كل جانب، فتقدم " ع " وقال: " بسم الله الرحمن الرحيم بطه ويس وبالاسم المكتوب على ذرر السور وزجرتكم بالصافات صفا وتبارك والأعراف وبالله الذي لا إله إلا هو، خالق الليل والنهار والظلم والأنهار ".
قال عمار: والأحجار تتساقط علينا من كل جانب، والامام يوقي عن نفسه وعنا