بترسه، ولم يستطع ان يتقدم إلى النار من شدة اللهب والدخان، ثم كثرت الأعناق والأصناف وظهرت الأشخاص!.
فلما نظر الإمام (ع) ما نحن فيه أقبل علينا وقال بحقي عليكم إثبتوا في موضعكم فوالذي بعث محمدا (ص) بالحق لا يلقيهم غيري، فان سلمت فذلك من عند الله ورسوله وان دنت الوفاة فاقرؤا محمدا صلى الله عليه وآله والحسن والحسين وأمهما عليهم السلام عني السلام، قالوا يا أمير المؤمنين بأنفسنا نفديك وآبائنا نقيك، بأي عذر لنا نلقي الله ورسوله وأنت لست معنا، إلا ان قضى الأمر وجرى القلم، قال (ع): فاثبتوا في مواضعكم يرحمكم الله كما أمرتكم، ثم تقدم (عليه السلام) إلى باب القصر وقال: إلهي وسيدي ومولاي أنت تعلم أن جهادي في رضاك وطاعتك فانصرني.
فلما سمع بذلك المسلمون ضجوا بالبكاء وابتهلوا إلى الله تعالى بالدعاء، فقال عمار يا سيدي أنت تعلم أن محبتك في قلوب المؤمنين وفي قلبي ولا أحب الحياة بعدك أحب ان أكون معك، قال: يا عمار على شرط، قلت يا سيدي وما هو؟ قال: لا تجذب سيفك والا توتر قوسك، فإذا رأيت العجب فأكثر الصلاة على محمد وآله.
قال عمار: فلما أنعم علي، انكببت على قدميه أقبلهما وقلت يا سيدي لا حاجة لي بعدك في الحياة وخطوت معه وهو يقول: يا عمار كن عن يميني وشمالي حتى لا ينالك منهم سوء، فاني أوقيك وأفدي أصحاب رسول الله بروحي، فلما قربنا من القصر والمسلمون يتبعونا بقوارع القرآن ويبتهلون إلى الله تعالى فحسبت ان الأرض اضطربت من تحتنا، فخرج إلينا لسان من نار، فلما نظره الإمام عليه السلام قد قرب مد جحفته وهو يقول: " يا معشر الجن إن استطعتم ان تنفذوا فأنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ولا تنفذوا إلا بسلطان * فبأي آلاء ربكما تكذبان " وأرى لسان النار لحقتني فاحترق ثوبي فأطفأها عني الإمام عليه السلام وقال: يا عمار لقد أشغلت قلبي، فبحقي عليك إلا ما رجعت إلى أصحابي؟ فقلت يا سيدي من يرجعني؟
فقال: أنا واقف أصد عنك النار ومواضع الأحجار، حتى تلحق بأصحابك قال عمار: فجعلت أسعى وقد طار عقلي حتى لحقت بأصحاب رسول الله (ص)