عبادة وسعد بن معاذ وعبادة بن بشير وثابت بن نحيس وعمرو بن أمية الضيمري وغيرهم ثم ساروا وأخذوا معهم عشرين من المطايا عليها القرب والروايا ودنوا من البئر وهم يكبرون الله ويهللونه ويصلون على النبي (ص).
فلما قربوا من البئر وإذا بعفريت قد خرج إليهم كأنه النخلة السحوق وعيناه يتقدان كأنهما جمرتان والنيران تخرج منها، ثم انه تطاول حتى بلغ السحاب وصاح صيحة أعظم من الرعد فتزلزلت لها الأرض.
قال: فعرضنا على أن نهرب لما دخلنا من الرعب فقال لنا أبو العباس: يا إخواني من الموت تفرون وأنتم إلى الله صائرون، ارجعوا إلى رحالكم ودعوني وهذا العفريت فإن ظفرت به فهو المراد وإن ظفر بي فانجوا لأنفسكم سالمين وأبلغوا سلامي على رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أن أبا العاص جرد سيفه ودنى من العفريت وأنشأ يقول:
نحن سلالات المعالي والكرم * وأوليا الرحمن سكان الحرم أرسلنا محمد تاج الأمم * المصطفى المختار مصباح الظلم لنستقي من بئركم ذات العلم * ونقتل الجان وعباد الصنم فعند ذلك نادى العفريت أما علمت أن في هذا البئر الملوك العاتية والعفاريت المقردة، أما علمت أن سليمان بن داود تمردنا عليه! وقتلنا قوم عاد وغيرهم من الأمم السالفة! وما مر علينا أحد إلا أهلكنا! فقال له أبو العاص: يا ويلك ليس نحن كمن لاقيت، نحن أنصار الله وأحزاب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله فارجع يا ويلك خائبا مدحورا، فلا بد من ورود هذا البئر وشرب مائه، فإن أجبتم طائعين وإلا أجبتم كارهين، وأنشأ أبياته، فما استتم أبو العاص من كلامه، حتى صرخ به العفريت صرخة عظيمة رجفت منها القلوب وارتعدت منها الفرائص، ثم انه أرخى عليه كلكله، فكان أبو العاص كالعصفور في مخلاب الباز فأحرقه.
قال: قيس بن سعد: فسمعنا أبا العاص يقول: بلغوا سلامي رسول الله (ص) فولينا هاربين، فلما سمعنا العفريت عاد إلى البئر، دنونا من أبي العاص وإذا هو فحمة