سوداء فوقفنا نبكي عليه، وإذا نحن بأصوات هائلة وإذا بدخان قد غشاها من البئر!
وأحاطت بنا شهب النيران وخرج إلينا أصناف السنور.
قال عمرو: فولينا هاربين ونقرأ القرآن حين بعدنا من البئر، ثم سرنا حتى أشرفنا على المسلمين، فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يبكي على أبي العاص، وكان قد نزل عليه جبرئيل وأخبره بهلاكه وأمر أن يبعث إليه علي بن أبي طالب (ع) قال عمرو: فناديت: عظم الله أجركم في أبي العاص، فقال النبي (ص) والذي روحي بيده ان روح أبي العاص في حوصلة طير أخضر يرتع بها في رياض الجنة.
قال: فتمنينا أن نكون مكانه، وكان الإمام عليه السلام قد تأخر عن العسكر في حاجة عرضت لرسول الله (ص) فلما أقبل استقبله عمرو بن أمية الضيمري وقال له:
عظم الله لك الأجر في أبي العاص قد حرقه عفريت من عفاريت بئر ذات العلم.
قال عمرو: فهملت عينا أمير المؤمنين عليه السلام بالدموع حتى نزل عن جواده وأقبل حتى نزل بجانب النبي صلى الله عليه وآله، فقال له النبي (ص): هذا سلفك أبو العاص أسفي عليه التراب فقال له الإمام عليه السلام: قد عطشت أكباد المسلمين، مرني بالمسير إليه؟ فقال النبي يا أبا الحسن سر إليه، فإن الله حافظك وناصرك، ولكن خذ معك القوم الذين كانوا مع أبي العاص؟ ثم دفع إليه الراية وقام إليه مشيعا، ثم رفع يديه إلى السماء وأقبل يدعو الله، ثم رجع النبي (ص) وسار الامام معه فلما بان عن المسلمين أخذ الراية ونشرها على رأسه ورؤوسنا ثم أن الإمام علي بن أبي طالب أنشأ يقول: حباني رسول الله منه براية * وأمرني أسعى إلى كل ذي كفر أقاتلهم حتى يقروا بربهم * إليهم المعبود في السر والجهر وإني علي وابن عم محمد * نبي أتى بالدين لله بالنصر قال عمرو: ثم أن الإمام عليه السلام سار وسرنا حتى أشرفنا على البئر ونزلنا حوله ونحن نقرأ القرآن، فعند ذلك كبر الإمام عليه السلام بأعلى صوته وقال: " قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".