قال عمرو: فلما أقسم علينا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علمنا أن نحن منعناه رمى بنفسه إلى قرار البئر.
قال قيس بن سعد: فدنينا إلى أن صار في وسط البئر، فإذا بالرشا قد قطع، فرمى الإمام عليه السلام بنفسه إلى قعر البئر وذو الفقار بيده مسلول وبيده درقة عمه حمزة.
قال عمرو: فلما انقطع الحبل ضججنا بالبكاء والنحيب وأيقنا بالهلاك وقلنا اللهم لا تفجع به قلوبنا ولا قلب نبيك.
قال: فبينما نحن كذلك وإذا بضجة عظيمة وكثر الصياح وعلا الصراخ، نظرنا في البئر وإذا شهب النيران كأنها الكواكب إذا رجمت بها الشياطين وهي تختلف في قعر البئر من كل جانب ومكان، فنادينا، يا أبا الحسن؟ فلم يجبنا أحد، فاشتد علينا ذلك، فأخذنا بالبكاء والعويل وأيسنا من الإمام (ع) وبقينا زمانا طويلا وعزمنا على الانصراف.
قال: فبينما نحن كذلك وإذا بزعقات الامام كصواعق من السماء، فطابت أنفسنا وفرحنا، وإذا بقائل يقول: يا بن أبي طالب اعطنا الأمان والذمام، فقال والله ما لكم أمان ولا ذمام حتى تقولوا قولا مخلصا لا إله إلا الله محمد رسول الله وتعطوني العهود والمواثيق ان لا تمنعوا واردا ورد هذا البئر؟
قال عمرو: فبقى الإمام عليه السلام في البئر وانقطع عنا خبره وكنا نركن إلى صوت، فبقينا متحرين ما ندري ما نصنع، فأصغينا ولم نسمع صوته، فبينما نحن كذلك وإذا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفر قليل وهو يبكي وينادي: يا بن عماه، فلم يزل كذلك حتى وقف على البئر، فظننا انه قد نزل عليه الوحي من الله تعالى بهلاك علي (ع) فجعلنا نقبل يديه ورجليه ونبكي لبكائه، إذ هبط عليه جبرئيل من قبل الجبار وقال:
يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول لك: ما هذا الجزع والفزع الذي أراه فيك من قبل ابن عمك، ناده فهو يجيبك، وقد أيده الله تعالى بالنصر وأحاطت به ملائكتي فهم بين يديه وعن يمينه وعن شماله ولو أن ملكا من الملائكة الذين معه أراد هلاك الجن قبض