منهم طلحة بن عبد الله وعاصم بن ثابت وصعد الباقون الجبل، فصاح صائح بالمدينة قتل رسول الله، فانخلعت القلوب لذلك وتحير المنهزمون وأخذوا يمينا وشمالا، قال زيد بن وهب: قلت لابن مسعود انهزم الناس عن رسول الله حتى لم يبق إلا علي عليه السلام وأبو دجانة وسهل بن حنيف فأين كان أبو بكر وعمر؟ قال كانا ممن تنحى، قلت: فأين كان عثمان؟ قال جاء بعد ثلاثة من الوقعة، فقال رسول الله (ص) لقد ذهبت فيها عريضة طويلة، قال فقلت له: أين كنت؟ قال كنت ممن أتى، قال فقلت: ان ثبوت علي في ذلك المقام لعجب قال إن تعجبت منه في ذلك فقد تعجبت منه الملائكة، فقال أما علمت أن جبرئيل قال في ذلك اليوم وهو يعرج إلى السماء:
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، فقلت ومن أين علم ذلك من جبرئيل؟ قال سمع الناس صائحا يصيح في السماء بذلك فسألوا النبي (ص) عنه فقال ذلك جبرئيل.
وفي تفسير علي بن إبراهيم رحمه الله: بإسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قاتل أمير المؤمنين (ع) حتى انقطع سيفه فلما انقطع جاء إلى رسول الله فقال يا رسول الله ان الرجل يقاتل بالسلاح وها أنا انقطع سيفي فدفع إليه رسول الله سيفه ذات الفقار فقال قاتل، هذا ولم يكن يحمل على رسول الله أحد إلا استقبله أمير المؤمنين فإذا رأوه رجعوا فانحاز رسول الله (ص) إلى ناحية أحد فوقف وكان القتال من وجه واحد وقد انهزم أصحابه، فلم يزل أمير المؤمنين " ع " يقاتلهم حتى اصابه في وجهه ورأسه وبطنه ويديه ورجليه فتحاموه وسمعوا دويا من السماء: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، فنزل جبرئيل على رسول الله (ص) فقال هذه والله يا محمد المواساة فقال رسول الله (ص): لأني منه وهو مني فقال جبرئيل وأنا منكما وكانت بنت عتبة في وسط العسكر وكلما انهزم رجل من قريش دفعت إليه ميلا ومكحلة وقالت له: انما أنت امرأة فاكتحل بهذا، وكان حمزة بن عبد المطلب على القوم فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحد وكانت هند بنت عتبة قد أعطت وحشيا عهدا لئن قتلت محمدا أو عليا أو حمزة لأعطيك رضاك وكان وحشي عبدا لجبير بن مطعم حبشيا فقال وحشي: أما محمد فلا أقدر عليه وأما علي فرأيته رجلا حذرا كثير الالتفات إلى أطرافه