كتاب الطهارة (ط.ق) - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٣٥
بتعدد الاشتغال وهو يقضى بتعدد الامتثال وقد يخدش في هذا الدليل تارة بمنع المقدمة الأولى فان الأسباب الشرعية لا يجب ان يكون مؤثرات حقيقة بل قد يكون معرفات يجوز تعددهما على حكم واحد شخصي كما إذا اجتمع سببان لنزح جميع الماء والمصباح فإذا كان ظاهر الدليل اتحاد المسبب ولو نوعا كما هو المفروض فلا حاجة إلى ارتكاب تعدده الشخصي بتعدد الاشخاص ولو نوعا بل ينبغي حمل السبب على المعرف ويشهد له انه لا يفهم عرفا فرق بين ورود الأسباب المتعددة لحكم شخصي مثل قوله إن زنى زيد فاقتلوه وان ارتد فاقتلوه وبين ورودها الحكم واحد بالنوع قابل للتعدد الشخصي مثل ان قدم زيد من السفر فأضفه وان زارك في بيتك فأضفه ويضعف بان تعدد الواحد النوعي شخصا بسبب تعدد علل وجوده ليس تصرفا في اللفظ فإن كان مقتضى اطلاق الأدلة سببيه جميع مصاديق السبب من غير فرق بين المسبوق بسبب اخر وغيره لزم عقلا تعدد الحكم الواحد بأنوع في الخارج بخلاف صرف ظاهر الدليل عن التأثير المستقل واخرى بمنع المقدمة الثانية نظر إلى أن اللازم من تعدد السبب تعدد الوجوب وهو لا يقتضى تعدد الواجب بل قد يجتمع الايجابات المتعددة في واجب واحد التأكيد أو لجهات متعددة تقتضيه كما في مثال قتل زيد المتقدم والأوامر المتعددة بالصلاة والزكاة وغيرهما ويضعف بان المسبب للأسباب المتعددة ليس هو الطلب الصادر من المتكلم ضرورة حصوله قبل وجود السبب بنفس الكلام الدال على السببية بل المسبب المتأخر عن سببه هو اشتغال الذمة بالفعل الفلاني ومن المعلوم ان تعدد الاشتغال لا يكون الا مع تعدد المشتغل به كما لوجدت اشتغال ذمة درهم أو بضيافة مرتين فإنه لا اشكال في تعدد الفعل ودعوى ان المتحقق بعد الشرط هو تنجز الطلب فهو بمثابة تكرار الطلب المنجز بقوله اضرب اضرب مدفوعة بعد تسليم ظهور التأكيد في المثال المذكور بالفرق بينهما وفهم اشتغال الذمة فيما نحن فيه على نحو ما يفهم عند افتراق أحد السببين عن الأخر والسر في ذلك أن المستفاد من أدلة السببية كون السبب سببا لنفس الفعل ومؤثرا فيه في نظر الامر وهو الذي دعاه إلى الامر به عنده فلا يرضى بتخلفه عنه فاللازم من تعدد السبب وتعدد التأثير تعدد الفعل لا مجرد تعدد طلبه فافهم فإنه لا يخلو عن دقة وثالثة بمنع المقدمة الثالثة بناء على كفاية الفعل الواحد لامتثال تكليفين وان علم تعددهما كما في الأغسال في ظاهر جماعة وأشار إليه العلامة هنا في المنتهى وفى ان الظاهر عدم كفاية الفعل الواحد في تحقق الامتثال ولا أقل من الشك فلا يتيقن الخروج من العهدة ولا اطلاق هنا يتمسك به إذ لا كلام في كفاية أي فرد يكون انما الكلام في صدق الإطاعة والامتثال المتكلفين بايجاد واحد فافهم هذا مع ما عرفت من أن السبب مؤثر في وجود الفعل في نظر الامر فلا بد من تعدده ورابعة بان القاعدة وان اقتضت عدم التداخل الا ان من المعلوم في خصوص المقام ان النزح لإزالة النجاسة الحاصلة من ملاقاة ما وقع فيه والنجاسة وان تعددت افرادها كما يكشف عن ذلك اختلاف كيفية ازالتها الا ان الثابت من ذلك كفاية مزيل أحد الافراد الإزالة الفرد الخلا المساوى له في كيفيتها فيكفي مزيل واحد للنجاسة الحاصلة من وقوع شاة و كلب لان الفرض اتحاد نجاستهما لاتحاد مزيلهما وكفاية مزيل الأشد لإزالة الأضعف فيتداخل الأقل مقدارا تحت الأكثر ويضعف بان ذلك مبنى على تداخل النجاسات أضعفها في أشدها كما في غير هذا المقام لكن ذلك غير معلوم في المقام ولا يجوز قياسه على غيره كما يكشف عن ذلك الفرق فيه بين المتفقات في غيره والجمع فيه بين المختلفات فالمتيقن من اجتماع النجسين تضاعف النجاسة وصيرورة النجسين الواردين بمنزلة نجس واحد قدر له مجموع مقدريهما ولولا اطلاق الأدلة في كفاية مقدر كل نجس له ولو حال انضمام نجس اخر وضعف دعوى ظهورها في وقوع تلك النجاسة لا غير كان ينبغي الرجوع عند انضمام النجاسات إلى حكم ما لا نص فيه وهو نزح الجميع كما سيأتي ثم إن المخالف في المسألة العلامة في جملة من كتبه واستدل في المنتهى بان بفعل الأكثر يمتثل الامرين فيحصل الأجزاء ثم اعترض على نفسه بلزوم اجتماع علل متعددة على معلول واحد ودفعه بأنه لا استحالة في اجتماع المعرفات وظاهر دليله منع المقدمة الثالثة للدليل المتقدم وظاهر اعتراضه وجوابه منع المقدمة الأولى وقد عرفت ما عندنا ومما ذكرنا من الدليل يظهر انه لا فرق بين قوع النجسين مجتمعين أو متعاقبين في وجوب تضعيف النزح وانه لا ينبغي الاشكال في تضعيفه بوقوع نجسين مع التماثل بشرط عدهما في العرف فردين لحصول الفصل بينهما على وجه يصدق تعدد الوقوع فان الدليل المذكورات فيه بعينه حتى فيما إذا كان المتكرر فردين أو افراد أعلق المقدر على الطبيعة الصادقة عليها وعلى الفرد الواحد كالخمر والبول ودعوى القطع بعدم الفرق في الحكم بين مقدار من البول وقع دفعة أو وقع كل جزء منه دفعة وانا نفهم من أدلة وقوع هذه الطبايع ان السبب وجودها في البئر ولو بوقعات متعددة ممنوعة فالقاعدة المتقدمة من سببية كل جزء وقوع المقدر جارية هنا أيضا إذا الموجود أولا من مصاديق الطبيعة مؤثر تام باعتبار تحقق الطبيعة فيه فإذا وجد فيه ثانيا كان مؤثر تاما مستقلا كالأول فلا بد له من اثر غير الأثر المتقدم عليه إذ لا يعقل تأثير المتأخر في المتقدم وقد ذكر بعض المعاصرين في الجواب عن ذلك بعد الاعتراف به ان الدليل لما دل على أن العذرة ينزح لها خمسون دلوا وكانت مهية صادقة على القليل والكثير واشتغل الذمة بالنزح بالوقوع الأول وجاء الوقوع الثاني انقلب الفرد الأول إلى الثاني فصارت مصداقا واحد للماهية وهكذا كلما يزداد فيدخل تحت قوله (ع) العذرة المذابة ينزح لها خمسون وليس هذا الا كتعداد النوع
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الماء المطلق 2
2 في الماء الجاري 7
3 في الماء المحقون 9
4 تحقيق الكلام في ماء البئر 25
5 في تنبيهات المسألة 41
6 في ماء المضاف وما يتعلق به 44
7 في تنبيهات المسألة 58
8 تحقيق الكلام في الأسئار 59
9 في الطهارة المائية 63
10 في الاحداث الموجبة للوضوء 64
11 في أحكام الخلوة 67
12 في الاستنجاء 70
13 في كيفية الاستنجاء 70
14 في سنن الخلوة 76
15 في مكروهات الخلوة 77
16 في كيفية الوضوء وواجباته ومنها النية 79
17 في كيفية نية الوضوء 81
18 في كفاية وضوء واحد لأسباب مختلفة له 100
19 في تداخل الأغسال 101
20 في غسل الوجه 108
21 في غسل اليدين 113
22 في مسح الرأس 116
23 في مسح الرجلين 124
24 في أن الترتيب واجب في الوضوء 132
25 في الموالاة 133
26 في بيان فرض الغسلات 137
27 في بيان اجزاء ما يسمى غسلا في الغسل 140
28 في الجبيرة 142
29 في عدم جواز تولية الغير فعلا من أفعال الوضوء 149
30 في عدم جواز مس كتابة القرآن للمحدث 151
31 في بيان حكم من به السلس 152
32 في بيان سنن الوضوء 154
33 في بيان احكام الوضوء المترتبة عليه 157
34 في تيقن الحدث والشك في الطهارة أو تيقنهما والشك في المتأخر 157
35 في حكم الشك في فعل من أفعال الطهارة قبل الفراغ 161
36 في الشك بعد الفراغ 163
37 في الشك في بعض أفعال الغسل والتميم قبل الفراغ وبعده 164
38 في وجوب إعادة الصلاة مع ترك غسل موضع النجاسة 165
39 في بيان احكام الخلل المترد وبين وضوئين 166
40 في ذكر بعض احكام الخلل في الوضوء 167
41 كتاب الغسل وغسل الجنابة في احكام الغسل 168
42 في احكام الحيض 182
43 في أن أكثر أيام الحيض عشرة 192
44 في بيان مقدار استقرار العادة 195
45 في حكم ذاة العادة إذا تجاوز دمها العشرة 205
46 في الاستحاضة والنفاس 243
47 في أن اعتبار أكثرية الدم وقلته بأوقات الصلاة أم لا؟ 251
48 في أن دم الاستحاضة إذا انقطع لم يجب الغسل 253
49 في وجوب معاقبة الصلاة للغسل 255
50 في منع الدم من الخروج بحسب الامكان 256
51 في النفاس 263