النتن في الماء نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء وصحيح الشحام عن أبي عبد الله (ع) في السنور والدجاجة والكلب والطير قال إذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء وان تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح وخبر زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) بئر قطرت فيها قطرة دم أو خمر قال الدم والميت والدم ولحم الخنزير كلها واحد فان غلب الريح نزحت حتى يطيب بناء على تقديم هذه الأخبار على ظاهر ما سيأتي من اخبار وجوب نزح الجميع بناء على حمل تلك على ما إذا توقف زوال التغير على نزح الجميع بينهما أقرب من ذلك وعلى ظاهر ما دل على وجوب المقدر للنجاسة الواقعة الشامل بالاطلاق أو بالفحوى لصورة تغيره بها بناء على منع شموله لها لفظا ولا فحوى هذا ولكن الانصاف قصور دلالة الأخبار المتقدمة إما الصحيحة فقد تقدم ظهورها في عدم انفعال البئر بالملاقات ووجوب صرفها إلى معنى يلايم القول بالنجاسة على القول بانفعال البئر وأقرب وجوه الصرف ما تقدم من كون المراد بالفساد فساده بحيث لا يصلح الا بالممازجة التامة مع ماء جديد من المادة وهذا ثابت مع التغيير منتف مع غيره ولا ريب ان الرواية على هذا صريحة في حاجة الماء المتغير إلى النزح أزيد مما يحتاجه الماء مع عدم التغير فلا يدل على كفاية زوال التغير وان لم ينزح المقدر لأنه يلزمه كون الماء مع عدم التغير أفسد منه مع التغير وهذا خلاف ما استظهر من الرواية بل كل تأويل يفرض في الصحيحة ليوافق مذهب المستدل بها حيث يقول بنجاسة البئر بالملاقات لا يخلو عن صراحة كون الفساد مع التغير أقوى وأشد وأحوج إلى اخراج الماء وبالجملة فاستدلال القائلين بالنجاسة بهذه الصحيحة مع ردهم لها تارة بكونها مكاتبة واخرى بالتأويل وثالثة بعدم المعارضة مع أدلة وجوب النزح في غاية الاشكال فضلا عن تقديم ظهورها على ظهور اخبار المقدرات وظهور اخبار وجوب نزح الجميع واما ما بعد الصحيحة من الاخبار فهى في مقام عدم كفاية المقدار المذكور في مواردها التطهير مع التغير إذ من المعلوم عدم زوال التغير بما دون خمس دلاء أو سبع أو عشرين فلا يدل على ما هو المطلوب من كفاية زوال التغير وان لم يبلغ المقدر والثاني ما قيل بل استظهر انه المشهور من أنه ينزح جميع مائها إما لأن النجاسة الحاصلة بالتغير غير منصوص المقدر بناء على ظهور اختصاص أدلة المقدرات بصورة عدم التغير واما للأخبار الواردة بنزح الجميع للتغير مثل قوله (ع) في رواية معاوية لا تعاد الصلاة ولا يغسل الثوب بما يقع في البئر الا ان ينتن فان أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر وفى رواية أبى خديجة إذا انفسخت الفارة ونتن الماء كله وخبر منهال فإن كانت جيفة قد أجيفت فاستق منها مائة دلو فان غلب الريح عليها بعد مائة دلو فانزحها كلها ورواية عمار الواردة في التراوح عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها بناء على حملها على صورة التغير كما ذكره الشيخ والجواب منع كون النجاسة مع التغير مما لا نص فيه لما سيجئ من شمول اخبار المقدرات له وكذا اخبار وجوب إزالة التغير وان لم يدل كل واحد من هذين القسمين على كفاية مضمونه كما تقدم واما الأخبار المذكورة فهى محمولة على ما إذا توقف زوال التغير على نزح الجميع إذ لا جمع أقرب من ذلك وربما احتمل فيها الحمل على الاستحباب وعلى هذا القول فان تعذر نزح الجميع لغزارته ففيه احتمالات بل أقوال أحدها ما اختاره المصنف قده؟ وفاقا للمحكى عن الإسكافي والصدوقين والسيد والشيخ وابن حمزه من أنه نزاوح عليها أربعة رجال ومستندهم ما تقدم من رواية عمار المتقدمة أخيرا في اخبار هذا القول لكن الظاهر أنهم يشترطون إزالة التغير حتى بعد التراوح إذ لم يعهد من أحد القول بطهارة الماء التغير فعلا عليه ويحمل اطلاق الرواية أيضا ثانيها الاكتفاء حينئذ بزوال التغير حكى عن الشيخ في النهاية والمبسوط وعن كاشف الرموز نقطه عن المقنعة ولعل وجهه حمل اخبار زوال التغير أو انصرافا على ما هو الغالب من تعذر نزح الجميع وفيه مع عدم امكان هذا الحمل في رواية عمار بل معارضتها لتلك الأخبار ان اخبار زوال التغير كما تقدم لا ظهور لها في مورد يزول التغير قبل نزح المقدر فينبغي الحكم عند تعذر نزح الجميع بأكثر الامرين من المقدر ومزيل التغير وهو ثالث هذه الأقوال وعليه المحقق في النافع والمعتبر قيل واستحسنه كاشف الرموز ونسبه إلى الحلى وفى النسبة نظر ثم إن الجمع بين محصل هذا الجمع وهو الكثر الامرين وبين رواية عمار الدالة على الترواح لما تضده بعمل الأصحاب في موارد تعذر نزح الجميع بينهما باعتبار أكثر الأمور من المقدر ومزيل التغير والتراوح وهذا رابع الاحتمالات ان الا يقال إن الاحتمال الأول راجع إلى هذا لان التراوح غالبا يكون بعد استيفاء المقدر واما زوال التغير فقد عرفت انه لابد منه عند القائلين بالاحتمال الأول وهو أقوى هذه الثلاثة الخامس لزوم أكثر الامرين من المقدر ومزيل التغير وهو المحكي عن الشيخ والحلى والمختلف والمسالك واستوجهه في المدارك ولعل وجهه الجمع بين ما دل على الامرين فان أدلة المقدر شاملة له من حيث اعتبار المقدر إما من باب الاطلاق باعتبار شمولها لوقوع النجاسة قبل حدوث التغير واما من باب الفحوى نعم ظهورها في كفاية المقدر مطروح بما دل على وجوب إزالة التغير ولا ظهور لها في كفاية ذلك حتى يطرح بما دل على أدلة المقدرات مع أنه متعين على تقدير الظهور وبعبارة أخرى لكل منهما ظهور لفظي في اعتبار مضمونه في التطهير وظهور عقلي في كفاية ذلك فيطرح ظهور كل منهما في الكفاية بظهور الأخر في الاعتبار لأنه أقوى مضافا إلى أن المرجع بعد التكافؤ استصحاب النجاسة وفيه ان مقتضى هذا الجمع ازاله التغير أولا ثم استيفاء المقدر لان استيفائه أو بعضه قبل زوال التغير غير مجد لأنه نظير ما إذا استوفى المقدر أو بعضه قبل اخراج عين النجاسة لان بقاء التغير دليل بقاء عين النجاسة مضافا إلى أن ظاهر الاخبار اعتبار النزح حال عدم التغير لذهاب النجاسة الحاصلة بالملاقات ومعلوم عدم مدخلية
(٣٨)