يذكر تبعا لظاهر كلام الشيخ في التهذيب من حمل تلك الأخبار على التقية ولو لم يعلم قائل بها من العامة فلعل القائل به كان موجودا أو ان المقصود بيان خلاف حكم الله بما يكون أقرب إليه من حكم العامة من كون الأكثر أربعين أو ستين مع استناده (ع) في ذلك إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وآله فهو بعيد لا وجه لارتكابه بعد سلامتها عن معارض صريح أو ظاهر إذ قد عرفت اختصاصها بغير المعتادة بقرينة اخبار العادة فالانصاف ان هذا القول لا يقصر في القوة عن القول المشهور الا ان شهرته المحققة ونقل الاجماع عليه خصوصا مع ما قيل من رجوع السيد والمفيد عنه تمنع عن مخالفته فالعمل عليه الاحتياط مما لا ينبغي تركه بالجمع بعد العشرة بين وظيفتي النفساء والمستحاضة ثم إن هنا قولين آخرين أحدهما محكى عن العماني وهو ان أكثره أحد وعشرون والثاني قول ثالث محكى عن المفيد وهو أحد عشر يوما وكلاهما شاذان لم اقف لهما على مستند الا ان المص؟ في التذكرة استدل للعماني بصحيحة البزنطي عن الباقر (ع) والمحقق في المعتبر قال بعد نقال مذهب العماني انه روى ذلك البزنطي في كتابه عن حنبل عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) لكنه اعترف بعد ذلك بان هذا القول متروك والرواية نادرة واما القول بأحد عشر فلم نجد له مستندا وعن السرائر رجوع المفيد عنه إلى العشرة واما الأخبار الواردة بالزيادة على ذلك فهى ساقطة عند الأصحاب واردة للتقية أو الاتقاء عن الكلاب ثم إن قولهم إن أكثر النفاس عشرة يعنون به عشرة متصلة بزمان الولادة لا مطلقا ويتضمن احكاما منها انها لو رأت دما بعد العشرة لم يكن حيضا سواء برأت قبلها أو لم تر ولا خلاف في ذلك ومنها انها لو رأت أحد عشر يوما لم يكن الحادي عشر نفاسا وهذا محل خلاف بينهم كما عرفت وهذان الحكمان باعتبار العقد السلبي الذي يتضمنه التحديد وهو انه لا يتعدى عن العشرة المتصلة ومقتضى العقد الايجابي امكان وقوع النفاس إلى العشرة وهذا بنفسه لا يدل على وجوب قعود كل نفساء إلى العشرة نعم يثبت ذلك بضميمة قاعدة الامكان المجمع عليها في المقام المطابقة المعروف من حيث صدق النفساء والنفاس ودم الولادة لكنها لا تنافى ما دل على وجوب رجوع المعتادة إلى عادتها في الحيض وجعل الباقي مطلقا أو بعد الاستظهار استحاضة بشرط التجاوز عن العشرة كما هو المشهور أو مطلقا كما احتمل أو قيل كما أن كون أكثر الحيض عشرة لا ينافي ما دل على وجوب رجوع المعتادة إلى عادتها وجعل الباقي مطلقا أو بعد الاستظهار استحاضة بشرط التجاوز أو مطلقا والحاصل ان القول المذكور من المشهور لا يقضى وجوب قعود المراة بالفعل ولو كانت معتادة لدون العشرة إلى العشرة بل غايته عدم امتناع العشرة بل التحقيق ان هذا الكلام ليس مسوقا لبيان امكان الأكثر فقط بل له ولبيان امتناع الزائد ولذا تريهم يستدلون على ذلك باخبار رجوع المعتادة إلى عادتها فإنها وان لم يعين العشرة الا بعد إضافة الاستظهار إلى العشرة الا انها يكتفى لنفى الزائد عن العشرة وامكان كونه عشرة لامكان كون العادة عشرة بل وقوعه أحيانا لكن الظاهر من أكثر كلمات المشهور سيما القدماء وجوب ذلك على النفساء بحيث يظهر ان مرادهم ليس بيان مجرد الامكان نظير قولهم في الحيض بل مرادهم وجوب التنفس فعلا إلى العشرة على مطلق النفساء الا ان تنقى قبل العشرة ومن هنا ذكر الشهيد في الذكرى ان الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد برجوعها إلى عادتها في الحيض والأصحاب يفتون بالعشرة وبينهما تناف ظاهر انتهى وربما تصدى جماعة من المتأخرين تبعا لكاشف اللثام لدفع التنافي والرد على الشهيد قده بما ذكره في كشف اللثام من أنه لا تنافى عندي بين الرجوع إلى العادة والفتوى بالعشرة فإنهم يفتون بأنها أكثره لا بكونها كلها نفاسا إذا تعداها الدم وإن كانت ذات عادة ولم ينص عليه فيما اعلم غير المحقق انتهى وحاصله ان هذا القول نظير قولهم أكثر الحيض عشرة أيام فإنه لا تنافى الحكم برجوع المعتادة إلى عادتها إذا تجاوز الدم العشرة أقول وهذا التوجيه حسن لو استظهر الشهيد فتوى الأصحاب بالعشرة من قولهم إن أكثر النفاس عشرة إذ لا وجه لهذا الاستظهار أصلا لما عرفت من أن هذا الكلام في مقام بيان امكان بلوغه عشرة وامتناع تجاوزه عنه لكن الظاهر أن مستند الشهيد في نسبة ذلك إليهم ملاحظة ظاهر أكثرهم وصريح بعضهم في كلماتهم الأخر غير التحديد المذكور فان أكثر كلمات أرباب كل من القولين المتقدمين ظاهر في وجوب قعود المرأة عشرة أو ثمانية عشر عند استمرار الدم وجعل الزائد استحاضة من غير إشارة إلى الفرق بين المعتادة وغيرها فعن الصدوق في الفقيه انه إذا ولدت المرأة قعدت عن الصلاة عشرة أيام الا ان تطهر قبل ذلك فان استمر بها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشرة يوما لان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها ان تقعد ثمانية عشر يوما انتهى وعن المقنعة أكثر أيام النفاس ثمانية عشر يوما فان رأت الدم يوم التاسع عشر من وضعها الحمل فليس ذلك من النفاس وانما هو استحاضة وتفعل بما رسمناه للمستحاضة وتصلى وتصوم انتهى وعن الانتصار ان مما انفردت به الإمامية ان أيام النفاس مع الاستظهار التام ثمانية عشر يوما وفى التهذيب لا خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت الدم من النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه انتهى وعن الغنية وأكثره عشرة أيام فكل دم تراه بعده فهو استحاضة انتهى وعن السرائر ان حكمها حكم الحائض في جميع احكامها اللازمة عليه بغير خلاف وفى أكثر أيامها على الصحيح من الأقوال والمذاهب لان بعض أصحابنا يذهبون إلى أن أكثر أيام النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه إلى عند استمرار دمها ثمانية عشر
(٢٦٨)