تبكيه، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع " (1). رواه البخاري. وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لجابر: " ألا أبشرك بما لقي الله تعالى به أباك "، قلت: بلى، قال: " ما كلم الله تعالى أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأنه أحيى أباك فكلمه كفاحا " (2). وقال: " عبدي تمن علي أعطك "، قال: يا رب تحييني فأقاتل فيك ثانية. قال الرب سبحانه وتعالى: * (قد سبق مني أنهم لا يرجعون) *. قال: " أي رب فأبلغ من ورائي "، فنزلت * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) * [آل عمران 169] الآية (3)، رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر: " ألا أبشرك؟ " قال:
بلى، قال: " شعرت أن الله تبارك وتعالى أحيى أباك فأقعده بين يديه، وقال: تمن علي ما شئت أعطك، قال: يا رب ما عبدتك حق عبادتك، أتمنى أن تردني إلى الدنيا، فأقتل بين يدي نبيك مرة أخرى. قال: سبق مني أنك إليها لا ترجع " (4).
وروى ابن المنذر من طريق طلحة بن نافع عن أنس قال: لما قتل حمزة وأصحابه يوم أحد قالوا: يا ليت لنا مخبرا يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من كرامة الله تعالى لنا، فأوحى إليهم ربهم تبارك وتعالى: أنا رسولكم إلى إخوانكم، فأنزل الله عز وجل: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) * إلى قوله: * (لا يضيع أجر المؤمنين) *.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله تعالى أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله تعالى لنا، وفي لفظ: قالوا: من يبلغ إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق، لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا على الحرب. فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى هؤلاء الآيات: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتا) * إلى آخر الآيات " (5)، رواه مسلم وأبو داود.
وروى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في المصنف والإمام أحمد ومسلم وابن المنذر عن