رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر لهم ذلك، فقالوا: يا رسول الله عشائرنا وإخواننا تأخذ منهم الفداء، فتتقوى به على قتال عدونا، ويستشهد منا عدتهم فليس في ذلك ما يكره، وأقام صلى الله عليه وسلم بالعرصة ثلاثا.
ذكر رحيل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقسمة الغنائم وقتل جماعة من الاسرى وارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا إلى المدينة وهو مؤيد منصور، قرير العين بنصر الله تعالى، ومعه الأسارى من المشركين، فيهم عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، ومعه النفل الذي أصيب، فلما خرج من مضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية يقال له: سير - إلى سرحة به، فقسم هناك النفل الذي أفاءه الله على المسلمين من المشركين [على السواء]، وقيل: بل استعمل عليها خباب بن الأرت، وكان فيها مائة وخمسون من الإبل ومتاع وأنطاع وثياب وأدم كثير، حمله المشركون للتجارة، فغنمه المسلمون، وكانت الخيل التي غنمها عشرة أفراس، وأصابوا سلاحا كثيرا، وجمل أبي جهل، فصار للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل عنده يضرب في إبله ويغزو عليه، حتى ساقه في هدي الحديبية. ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقسم الغنائم على السواء قال سعد بن معاذ: يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثكلتك أمك، وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟! " ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم: " من قتل قتيلا فله سلبه ومن أسر أسيرا فهو له ". وكان يعطي من قتل قتيلا سلبه، وأمر بما وجد في العسكر وما أخذوا بغير قتال فقسمه بينهم. وكانت السهام على ثلاثمائة وسبعة عشر سهما، والرجال ثلاثمائة وثلاثة عشر، والخيل فرسان لهما أربعة أسهم. وثمانية نفر لم يحضروا القتال، ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهامهم وأجورهم، ثلاثة من المهاجرين، وهم عثمان بن عفان - خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته رقية فماتت يوم قدوم زيد بن حارثة، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد، بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحسسان خبر العير، ومن الأنصار أبو لبابة بن عبد المنذر، خلفه على المدينة، وعاصم بن عدي خلفه على أهل قباء وأهل العالية، والحارث بن حاطب أمره بأمر في بني عمرو بن عوف، وخوات بن جبير كسر بالروحاء، والحارث بن الصمة كسر بالروحاء أيضا. وروي أنه ضرب لسعد بن عبادة وسعد بن مالك الساعدي، ورجلين آخرين من الأنصار بسهامهم وأجورهم.
وروى الحارث بن أسامة، والحاكم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ممن ضرب له بسهمه وأجره، وضرب لأربعة عشر رجلا قتلوا ببدر، وأحذى مماليك حضروا بدرا ولم يقسم لهم.