وحنظلة بحنظلة، وفلان بفلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: " قل: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار "، فقال أبو سفيان: إنكم لتقولون ذلك، لقد خبنا إذن وخسرنا، لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله لعمر، قل: " الله مولانا ولا مولى لكم "، فقال أبو سفيان:
إنها قد أنعمت فعال عنها، هلم يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: " ائته فانظر ما شأنه "، فجاءه، فقال أبو سفيان: أنشدك بالله يا عمر، أقتلنا محمدا؟ قال: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك الان، قال: أنت أصدق من ابن قمئة وأبر - لقول ابن قمئة لهم: إني قتلت محمدا - ثم قال أبو سفيان: ورفع صوته: إنكم واجدون في قتلاكم مثلا، والله ما رضيت ولا نهيت ولا أمرت، إلا أن موعدكم بدر الصفراء على رأس الحول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: " نعم بيننا وبينكم موعد ".
وانصرف أبو سفيان إلى أصحابه وأخذ في الرحيل، فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون من أن يغير المشركون على المدينة، فتهلك الذراري والنساء.
قال ابن إسحاق: فبعث عليا - وقال عروة. ومحمد بن عمر، وابن عائذ: سعد بن أبي وقاص - لينظر، فقال: إن ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فهو الظعن وإن ركبوا الخيل وجنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، فهي الغارة، والذي نفسي بيده لئن ساروا إليها لأسيرن إليهم، ثم لأناجزنهم. فسار علي أو سعد وراءهم إلى العقيق فإذا هم قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل بعد ما تشاوروا في نهب المدينة، فقال صفوان بن أمية - وأسلم بعد ذلك -: لا تفعلوا، لا تدرون ما يغشاكم، فعاد فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقدم أبو سفيان مكة، فلم يصل إلى بيته حتى أتى هبل فقال: أنعمت ونصرتني، وشفيت نفسي من محمد ومن أصحابه، وحلق رأسه.
ذكر طلب المسلمين قتلاهم روى البيهقي عن عروة قال: لما رحل المشركون انتشر المسلمون يطلبون قتلاهم فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثل به المشركون، إلا حنظلة بن أبي عامر فإن أباه كان معهم فتركوه له.
وقال ابن إسحاق ومحمد بن عمر: لما انصرف المشركون أقبل المسلمون على موتاهم يطلبونهم. وروى الحاكم والبيهقي، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه وابن إسحاق عن شيوخه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع، أفي الاحياء هو أم في الأموات، فإني رأيت اثني عشر رمحا شرعي إليه، فقال رجل من الأنصار - قال محمد بن عمر: هو محمد بن مسلمة، وقال أبو عمر: هو أبي بن كعب - فنظر في القتلى، فناداه ثلاثا فلم يجبه، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر إلى خبرك، فأجابه بصوت ضعيف. وفي