وروى ابن أبي شيبة في سنده والطبراني برجال ثقات، عن أبي أسيد الساعدي وابن أبي شيبة والحاكم عن أنس قالا: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة في نمرة، فمدت النمرة على رأسه وانكشف رجلاه، فمدت على رجليه فانكشف رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مدوها على رأسه واجعلوا على رجليه شيئا من الحرمل، وفي لفظ: من الإذخر " (1).
ذكر أمره صلى الله عليه وسلم بدفن من استشهد يوم أحد روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وقال: " ادفنوهم بدمائهم وثيابهم " (2).
وروى أبو داود عن هشام بن عامر الأنصاري قال: جاءت الأنصار يوم أحد فقالوا: يا رسول الله لقد أصابنا قرح وجهد، فكيف تأمرنا؟ فقال: " احفروا واعمقوا ووسعوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر الواحد "، قيل: يا رسول الله فأيهم يقدم؟ قال: " أكثرهم قرآنا " (3).
وروى ابن أبي شيبة في سنده والطبراني برجال الصحيح، عن كعب بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقف يوم أحد بين ظهراني القتلى فقال: " أنا شهيد على هؤلاء، كفنوهم بدمائهم، فإنه ليس جريح يجرح في الله إلا جاء يوم القيامة يدمى، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك، قدموا أكثرهم قرآنا فاجعلوه في اللحد " (4).
وروى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه فيا للحد، وقال: " أنا شهيد على هؤلاء "، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسلهم (5).
قال جابر: وكفن أبي وعمي في نمرة واحدة.
وروى ابن إسحاق عن أشياخ من بني سليم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ حين أمر بدفن القتلى: " انظروا عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد ".