قتله، فحمله أبو زيد بن عمير بن عبد مناف بن هاشم بن عبد الدار فقتله قزمان، فحمله قاسط بن شرحبيل بن هاشم بن عبد الدار فقتله قزمان أيضا فحمله صؤاب - غلام لهم حبشي - فقالوا: لا نؤتين من قبلك فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بشماله فقطعت، فالتزم القناة بصدره وعنقه وقال: اللهم هل أعززت؟ فقالوا: نعم، فرماه قزمان فقتله، وهو أثبت الأقاويل، فتقرق المشركون، فأخذت اللواء عمرة بنت علقمة الحارثية فأقامته فثابوا عليه، وفي لفظ:
لاثوابه.
ولما قتل أصحاب اللواء انكشف المشركون منهزمين، لا يلوون على شئ، ونساؤهم يدعون بالويل، وتبعهم المسلمون يقتلونهم حيث شاؤوا، حتى أجهضوهم عن العسكر.
قال الزبير بن العوام، والبراء بن عازب: لقد رأيتنا ننظر إلى خدم هند بنت عتبة، وصواحبها مشمرات هوارب يرفعن عن سوقهن، حتى بدت خلاخلهن، وانهزم القوم ما دون أخذهن قليل ولا كثير، وكانت الهزيمة لا شك فيها، ودخل المسلمون عسكر المشركين فانتهبوه.
ذكر ترك الرماة مكانهم الذي أقامهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما حصل بسبب ذلك لما رأى أصحاب عبد الله بن جبير وهم الرماة ما حصل للمشركين قالوا: أي قوم، الغنيمة الغنيمة، لم تقيمون هاهنا في غير شئ، قد هزم الله تعالى العدو، وهؤلاء إخوانكم قد ظهروا، وهم ينتهبون عسكرهم، فأدخلوا عسكر المشركين فاغنموا مع إخوانكم، فقال عبد الله بن جبير ومن وافقه: ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكم: " احموا ظهورنا ولا تبرحوا من مكانكم، وإذا رأيتمونا نقتل، فلا تنصرونا، وإن غنمنا فلا تشركونا، احموا ظهورنا؟! " فقال الآخرون: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا. وانطلقوا فلم يبق مع أميرهم عبد الله بن جبير إلا دون العشرة، وذهب الباقون إلى عسكر المشركين ينتهبون، فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين، ونظر خالد بن الوليد إلى الجبل وقلة أهله، فكر بالخيل وتبعه عكرمة بن أبي جهل - وأسلما بعد ذلك - فحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم، وثبت أميرهم عبد الله، فقاتل حتى قتل، فجردوه ومثلوا به أقبح مثله، وكانت الرماح قد شرعت في بطنه، حتى خرقت ما بين سرته إلى خاصرته إلى عانته، وخرجت حشوته، وأحاطوا بالمسلمين. فبينما المسلمون قد شغلوا بالنهب والغنائم إذ دخلت الخيول تنادى فرسانها بشعارهم: يا للعزى، يا لهبل، ووضعوا السيوف في المسلمين وهم آمنون وكل في يديه أو حضنه شي قد انتهبه. ولما رأى المشركون خيلهم ظاهرة رجعوا فشدوا على المسلمين فهزموهم، فقتلوا فيهم قتلا ذريعا، وتفرق المسلمون