خارج المدينة. وكان يوم الجمعة صائما ويوم السبت صائما. وقال النعمان بن مالك: يا رسول الله لا تحرمنا الجنة، فوالذي نفسي بيده لأدخلنها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمه؟ " قال:
لاني أحب الله تعالى ورسوله - وفي لفظ: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - ولا أفر يوم الزحف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صدقت ". فاستشهد يومئذ، وحث مالك بن سنان الخدري وإياس بن عتيك وجماعة على الخروج للقتال فلما أبوا إلا ذلك صلى - صلى الله عليه وسلم - الجمعة بالناس فوعظهم، وأمرهم بالجد والاجتهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، ففرح الناس بالشخوص إلى عدوهم، وكره ذلك المخرج بشر كثير. ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالناس وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي، ورفعوا النساء في الآطام. ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ومعه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، فعمماه وألبساه، وقد صف الناس له بين حجرته إلى منبره، ينتظرون خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء سعيد بن معاذ وأسيد - بضم الهمزة وفتح السين المهملة - ابن حضير - بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة - فقالا للناس: استكرهتم رسول الله صلى اله عليه وسلم وقلتم له ما قلتم، والوحي ينزل عليه من السماء، فردوا الامر إليه، فما أمركم به فافعلوه، وما رأيتم له فيه هوى ورأيا فأطيعوه. فبينما هم على ذلك إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لبس الدرع فأظهرها، وحزم وسطه بمنطقة من حمائل سيف من أدم، واعتم، وتقلد السيف، وندم الناس على إكراهه، فقالوا: يا رسول الله استكرهنا، ولم يكن لنا ذلك، فإن شئت فاقعد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذ لبس لامته أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه - وفي رواية: حتى يقاتل - انظروا ما أمركم به فاتبعوه، امضوا على اسم الله تعالى، فلكم النصر ما صبرتم. ووجد مالك بن عمرو النجاري - ويقال:
بل هو محرر بمهملات، قال الأمير: وزن محمد، وقال الدارقطني: آخره زاي معجمة وزن مقبل بن عامر النجاري - قد مات، ووضعوه عند موضع الجنائز، فصلى عليه، ثم دعا بثلاثة رماح فعقد ثلاثة ألوية، فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ولواء الخزرج إلى حباب بن المنذر، ويقال: إلى سعد بن عبادة، ودفع لواء المهاجرين إلى علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة بمن بقي في المدينة.
ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه السكب، وتقلد القوس، وأخذ قناة بيده، والمسلمون عليهم السلاح، منهم مائة دارع، وخرج السعدان أمامه يعدوان: سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، كل منهما دارع، والناس عن يمينه وشماله، حتى إذا انتهى إلى رأس الثنية رأى كتيبة خشناء لها زجل فقال: ما هذا؟ قالوا: هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي من يهود، فقال: أسلموا؟
فقيل: لا، فقال: إنا لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك.