من الليل إذا نار تأجج لي فهبتها فإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يصيح: العطش! وإذا رجل يقول: لا تسقه، فإن هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في ذلك:
لقد ورث الضلالة عن أبيه * أبي يوم بارزة الرسول أتيت إليه تحمل رم عظم * وتوعده وأنت به جهول وقد قتلت بنو النجار منكم * أمية إذ يغوث: يا عقيل وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا * أبا جهل، لامهما الهبول وأفلت حارث لما شغلنا * بأسر القوم، أسرته قليل وقال حسان أيضا في ذلك:
ألا من مبلغ عني أبيا * لقد ألقيت في حق السعير تمني بالضلالة من بعيد * وتقسم أن قدرت مع النذور تمنيك الأماني من بعيد * وقول الكفر يرجع في غرور فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ * كريم البيت ليس بذي فجور له فضل على الاحياء طرا * إذا نابت ملمات الأمور ذكر مقتل عثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي قال محمد بن عمر: أقبل عثمان بن عبد الله [بن المغيرة المخزومي] على فرس أبلق وعليه، لامة كاملة، يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى الشعب وهو يصيح: لا نجوت إن نجوت. فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعثر بعثمان فرسه في بعض تلك الحفر، فوقع وخرج الفرس عائرا، فأخذه المسلمون، ومشى الحارث بن الصمة إليه فاصطدما ساعة بسيفيهما، ثم ضربه الحارث على رجله [وكانت الدرع مشمرة] فبرك وذفف عليه، وأخذ الحارث يومئذ درعه ومغفره، ولم يسمع بأحد سلب يومئذ غيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي أحانه.
وكان عبد الله بن جحش رضي الله عنه أسره ببطن نخلة، فافتدى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى مكة حتى قدم، فقتله الله تعالى بأحد.
وأقبل عبيد بن حاجز العامري يعدو كأنه سبع فضرب الحارث بن الصمة فجرحه على عاتقه، فاحتمله أصحابه، ووثب أبو دجانة إلى عبيد فناوشه ساعة، ثم ذبحه بالسيف ذبحا ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر انتهائه صلى الله عليه وسلم إلى الشعب وما داوى به جرحه ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب خرج علي بن أبي طالب حتى ملا درقته