هذا ما ذكره أبو الفتح وفاته جماعة، منهم: السائب بن عبيد، أسلم يوم بدر بعد أن فدى نفسه كما نقله الأئمة، عن القاضي أبي الطيب الطبري، وعدي بن الخيار; وهو من مسلمة الفتح، والوليد بن المغيرة، افتكه أخواه هشام وخالد، فما افتدي أسلم، وعاتبوه في ذلك فقال: كرهت أن يظن بي أني جزعت من الأسر. ولما أسلم حبسه أخواله، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له في القنوت، ثم أفلت ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية.
تنبيهات الأول: بدر: قرية مشهورة على نحو أربع مراحل من المدينة الشريفة، قيل: نسبت إلى بدر بن مخلد بن النضر بن كنانة، وقيل: إلى بدر بن الحارث، وقيل: إلى بدر بن كلدة.
وقيل: بدر: اسم البئر التي بها سميت بذلك لاستدارتها أو لصفائها فكان البدر يرى فيها، وأنكر ذلك غير واحد من شيوخ بني غفار وقالوا: هي ماؤنا، ومنازلنا وما ملكها أحد قط يقال له بدر، وإنما هو علم عليها كغيرها من البلاد. قال الامام البغوي: وهذا قول الأكثر.
الثاني: كانت الوقعة في شهر رمضان لسبع عشرة خلت منه، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن بدر، والأسارى في شوال.
الثالث: ذكر في القصة أنه صلى الله عليه وسلم مر بجبلين فسأل عن اسمهما فقيل له: أحدهما يقال له: مسلح - بضم أوله وسكون ثانيه وكسر اللام بعدها حاء مهملة - والاخر مخرئ - بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر الراء - فعدل صلى الله عليه وسلم عن طريقهما. قال أبو القاسم الخثعمي رحمه الله تعالى: ليس هذا من باب الطيرة التي نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ولكنها من باب كراهية الاسم القبيح، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكتب إلى أمرائه: " إذا أبردتم إلي بريدا فأبردوه وابعثوه حسن الوجه حسن الاسم " (1) قلت: رواه البزار من حديث بريدة، ورواه أيضا وكذا العقيلي والطبراني عن أبي هريرة بلفظ: " إذا بعثتم إلي رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم "، وأحدهما يقوي الاخر. انتهى.
وقد قال صلى الله عليه وسلم في لقحة: " من يحلب هذه؟ " فقام رجل فقال: أنا، فقال: " ما اسمك؟ " قال: مرة، قال: " اقعد، فقام آخر قال: " ما اسمك؟ " قال: جمرة، قال: " اقعد "، ثم قام آخر فقال:
" ما اسمك؟ " قال: يعيش، قال: " احلب ".