ذكر اشتداد الامر على المسلمين ودعائه صلى الله عليه وسلم على الأحزاب وكيف صرفهم الله تعالى وقدوم نعيم بن مسعود رضي الله عنه أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله تعالى من الخوف والشدة، لتظاهر عدوهم عليهم، وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم.
روى الإمام أحمد وابن سعد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مسجد الأحزاب يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء بين الصلاتين الظهر والعصر، فوضع رداءه، وقام فدفع يديه يدعو عليهم. قال جابر: فعرفنا البشر في وجهه.
وروى البخاري وابن سعد وأبو نعيم عن عبد الله بن أبي بن أوفى رضي الله عنه قال:
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب - زاد أبو نعيم: انتظر حتى زالت الشمس ثم قام في الناس - فقال: " يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإن لقيتم العدو فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ". اه.
ثم قال: " اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب. اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم " (1).
وروى ابن سعد، عن سعيد بن المسيب قال: حصر النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرئ منهم الكرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك. اللهم إن تشأ لا تعبد ".
وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وعن أبيه قال: قلنا يا رسول الله هل من شئ نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر، قال: " نعم، قولوا: اللهم استر عوراتنا وآمنا روعاتنا "، قال: فصرف الله تعالى ذلك (2).
وروى محمد بن عمر عن عبد الله بن عاصم الأشجعي، عن أبيه، وأبو نعيم عن عروة وابن شهاب: أن نعيم بن مسعود كان صديقا لبني قريظة، فلما سارت الأحزاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سار مع قومه وهو على دينهم، فأقامت الأحزاب ما أقامت، حتى أجدب الجناب، وهلك الخف والكراع، فقذف الله تعالى في قلبه الاسلام وكتم قومه إسلامه، فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين المغرب والعشاء، فوجده يصلي، فلما رآه جلس، ثم قال: " ما جاء بك يا نعيم؟ " قال: جئت أصدقك، وأشهد أن ما جئت به حق، فأسلم وأخبره أن قريشا (2) أخرجه أحمد في المسند 3 / 3 والطبري في التفسير 21 / 8 وانظر البداية والنهاية 4 / 111. (*)