فارع، وجعل معهم حسان بن ثابت. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فأقبل عشرة من يهود، فجعلوا ينقمعون ويرمون الحصن، ودنا أحدهم إلى باب الحصن، وقد حاربت قريظة.
وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر العدو، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إذ أتانا آت، فقلت لحسان: يا حسان قم إليه فاقتله، فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، ولو كان ذلك في لخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت صفية: فلما قال ذلك، ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت سيفا فربطته على ذراعي، ثم تقدمت إليه حتى قتلته، وفي لفظ: فأخذت عمودا، ثم نزلت من الحصن فضربته بالعمود ضربة شدخت فيها رأسه، فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن، فقلت: يا حسان، انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل، قال:
ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب. فقلت له: خذ الرأس وارم به على اليهود، قال:
ما ذاك في، فأخذت هي الرأس فرمت به على اليهود، فقالوا: قد علمنا أن محمدا لم يترك له خلوفا ليس معهم أحد، فتفرقوا. زاد أبو يعلى: فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب لصفية بسهم كما يضرب للرجال.
ومر سعد بن معاذ على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وهي في الحصن، وعليه درع مقلصة قد خرجت منها أذرعه كلها وفي يده حربته يرقد بها وهو يقول:
لبث قليلا يشهد الهيجا حمل * لا بأس بالموت إذا حان الاجل فقالت له أمه وكانت مع النساء في الحصن: الحق بني فقد والله أخرت، فقالت لها عائشة: يا أم سعد، والله لوددت أن درع سعد كانت أوسع مما هي عليه، قالت: وخفت عليه حيث أصاب السهم منه فقالت أم سعد: يقضي الله ما هو قاض، فقضى الله أن أصيب يومئذ.
ذكر وصول المشركين بعد فراغ الخندق وأقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة في أحابيشها، ومن ضوي إليها من بني كنانة وأهل تهامة.
وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أل نجد حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أحد، فسرحت قريش ركابها في عضاه وادي العقيق، ولم تجد لخيلها هناك شيئا إلا ما حملت من علفها من الذرة.
وسرحت غطفان إبلها إلى الغابة في أثلها وطرفائها، وكان الناس قد حصدوا زرعهم قبل ذلك بشهر، وأدخلوا حصادهم وأتبانهم، وكادت خيل غطفان تهلك.