وروى الإمام أحمد والنسائي عن أبي سعيد الخدري، والإمام أحمد عن ابن مسعود، والبزار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، قال أبو سعيد: حبسنا. وقال جابر وابن مسعود:
إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فلما ذهب هوي من الليل أمر بلالا فأذن وأقام، فصلى الظهر كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام فصلى العصر كذلك، ثم أمره، فأقام فصلى المغرب كذلك، ثم أمره فأقام فصلى العشاء كذلك، ثم قال: " ما على وجه الأرض قوم يذكرون الله تعالى في هذه الساعة غيركم ". قال أبو سعيد: وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) [البقرة 239].
وروى ابن سعد من طريق ابن لهيعة عن أبي جمعة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال: " هل أحد منكم علم أني صليت العصر؟ " قالوا: يا رسول الله ما صليت، فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر، ثم أعاد المغرب (1).
ذكر ما غنمه المسلمون من المشركين قال محمد بن عمر: حدثني محمد بن عمر بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك عن أبيه عن جده أن أبا سفيان قال لحيي بن أخطب: قد نفدت علافتنا فهل عندكم من علف؟ فقال حيي: نعم، فكلم كعب بن أسد، فقال: مالنا مالك فاصنع ما رأيت، مر القوم يأتوا بحمولة فيحملوا ما أرادوا، فأرسل إليهم حيي أن ابعثوا بحمولتكم تحمل العلف، فأرسلوا عشرين بعيرا، فحملوها شعيرا وتمرا وتبنا، وخرجوا بها إلى قريش، حتى إذا كانوا بصفنة وهم يريدون أن يسلكوا العقيق جاؤوا جمعا من بني عمرو بن عوف، وهم يريدون منازلهم بأنصاف النهار يطلبونهم، وهم عشرون رجلا، فيهم أبو لبابة بن عبد المنذر، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، خرجوا لميت لهم مات منهم في أطمهم ليدفنوه، فناهضوا الحمولة، وقاتلهم القريشيون ساعة، وكان فيهم ضرار بن الخطاب فمنع الحمولة، ثم جرح وجرح، ثم أسلموها، وكثرهم المسلمون، وانصرفوا بها يقودونها، حتى أتوا بني عمرو بن عوف، فدفنوا ميتهم، ثم ساروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فكان أهل الخندق يأكلون منها، فتوسعوا بذلك، وأكلوه حتى نفد، ونحروا من تلك الإبل أبعرة في الخندق، وبقي منها ما بقي حتى دخلوا به المدينة، فلما رجع ضرار بن الخطاب أخبرهم الخبر، فقال أبو سفيان: إن حييا لمشؤوم، ما أعلمه إلا قطع بنا، ما نجد ما نتحمل عليه إذا رجعنا.