الباب السادس في بيان غزوة العشيرة خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال ابن سعد في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره.
وقال ابن إسحاق وابن حزم وغيرهما: في جمادى الأولى، وحمل لواءه - وكان أبيض - حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وخرج في مائة وخمسين، ويقال في مائتين، ممن انتدب، ولم يكره أحدا على الخروج.
وخرجوا في ثلاثين بعيرا يعتقبونها، يعترض عيرا لقريش، وكان قد جاءه الخبر بفصول العير من مكة تريد الشام، وقد جمعت قريش أموالها في تلك العير فبلغ العشيرة ببطن ينبع، فوجد العير قد مضت قبل ذلك بأيام، وهي العير التي خرج إليها حين رجعت من الشام، وكان سببها وقعة بدر الكبرى.
قال أبو عمرو: أخذ صلى الله عليه وسلم على طريق ملل إلى العشيرة، فأقام هناك بقية جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة، ووداع فيها بني مدلج وحلفاءهم، من بني ضمرة، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا، قالوا: وفيها كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أبا تراب، ويأتي الكلام على ذلك مبسوطا في الحوداث.
العشيرة: بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة وسكون التحتية وبالهاء ويقال العسيرة بإهمال السين، وذات العشيرة والعشير، وهو موضع ببطن ينبع، وهو منزل الحاج المصري.