رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بشير فقال: " يا أبا النعمان "، قال: لبيك إن وجه عبد الله ليخبرك أنه قد كره طروق أهله. فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خبرك يا بن رواحة؟ " فأخبره كيف تقدم، وما كان من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تطرقوا النساء ليلا " (1). قال جابر: فكان ذلك أول ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مؤيدا منصورا. [وكانت مدة غيبته شهرا إلا ليلتين].
ذكر قدوم الحارث بن أبي ضرار، وسبب إسلامه قال الحافظ ابن عائذ: أخبرني محمد بن شعيب، عن عبد الله بن زياد قال: أفاء الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم عام المريسيع في غزوة بني المصطلق جويرية بنت الحارث فأقبل أبوها في فدائها، فلما كان بالعقيق نظر إلى إبله التي يفدي بها ابنته، فرغب في بعيرين منها كانا من أفضلها، فغيبهما في شعب من شعاب العقيق، ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسائر الإبل، فقال: يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأين البعيران اللذان غيبت بالعقيق بشعب كذا؟ " فقال الحارث: أشهد أنك رسول الله، ولقد كان مني في البعيرين، وما اطلع على ذلك إلا الله تعالى، فأسلم.
ذكر ما نزل في ابن أبي في هذه الغزوة روى محمد بن عمر، عن رافع بن خديج قال: سمعت عبادة بن الصامت يقول يومئذ لابن أبي قبل أن ينزل فيه القرآن: إيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك، قال: فرأيته يلوي رأسه معرضا، يقول عبادة: أما والله لينزلن الله تعالى في لي رأسك قرآنا يصلى به. قال: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير من يومه ذلك، وزيد بن أرقم يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم براحلته يريد وجهه في المسير، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستحث راحلته " حل حل " وهو مغذ في السير، إذ نزل عليه الوحي. قال زيد بن أرقم: فما هو إلا أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذه البرحاء ويعرق جبينه، وتثقل يدا راحلته حتى ما تكاد تنقلهما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، ورجوت أن ينزل الله تعالى تصديقي قال زيد: فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأذني وأنا على راحلتي حتى ارتفعت من مقعدي، ورفعها إلى السماء، وهو يقول: وفت أذنك يا غلام، وصدق الله حديثك. ونزلت سورة المنافقين في ابن أبي من أولها إلى آخرها، وجعل بعد ذلك ابن أبي إذا أحدث حدثا كان قومه هم الذين يعاقبونه ويأخذونه ويعنفونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن