وكانوا يناقضونه، ويردونه، عليه، فما عيره أحد بجبنه، ولا وسمه به، فدل على ضعف حديث ابن إسحاق.
قلت: لفظ ابن إسحاق في رواية البكائي: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، وقال في رواية يونس، كما رواه الحاكم عن يونس، عنه قال: حدثني هشام عن أبيه أي عروة عن صفية، قال عروة: سمعتها تقول: أنا أول امرأة قتلت رجلا، كنت في فارع حسان بن ثابت، فكان حسان معنا في النساء والصبيان، فإن كان عروة أدرك جدته فسند القصة جيد قوي، وتقدم لها طرف في القصة.
ولعل حسان - كما في الروض - أن يكون معتلا في ذلك اليوم بعلة منعته من شهود القتال. قال: وهذا أولى ما يؤول عليه.
وقال ابن الكلبي: كان حسان بن ثابت لسنا شجاعا، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان لا ينظر إلى قتال ولا يشهده.
وقال ابن سراج: إن سكون الشعراء عن تعييره بذلك من علامة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكون حسان شاعرة.
الثامن: في الصحيح أن الذين أكلوا الطعام عند جابر في الخندق كانوا ألفا.
ووقع عند أبي نعيم في مستخرجه كما نرى تسعمائة أو ثمانمائة.
وعند الإسماعيلي: كانوا ثمانمائة أو ثلاثمائة، وفي رواية ابن الزبير: كانوا ثلاثمائة.
قال الحافظ: والحكم للزائد لمزيد علمه، ولان القصة متحدة.
التاسع: الصحيح المشهور أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا في غزوة الخندق ثلاثة آلاف، ونقل في زاد المعاد عن ابن إسحاق أنهم كانوا سبعمائة. قلت: ولا دليل في قول جابر في قصة الطعام: " وكانوا ألفا " لأنه أراد الآكلين فقط لا عدة من حضر الخندق، والله تعالى أعلم.
العاشر: دلهم النبي صلى الله عليه وسلم بعرضه إعطاء غطفان ثلث ثمار المدينة على جواز إعطاء المال للعدو: إذا كان فيه مصلحة للمسلمين وحياطة لهم.
الحادي عشر: في شرح غريب القصة:
الخندق - بفتح الخاء المعجمة وسكون النون -: حفير حول المدينة، وهي في شامي المدينة من طرف الحرة الشرقية إلى طرف الحرة الغربية. وذكر الطبري أن أول من خندق الخنادق منو شهر بن إيرج، وإلى رأس ستين سنة من ملكه بعث موسى عليه السلام. ومنو شهر