ذكر رؤيا جهيم بن الصلت روى البيهقي عن ابن شهاب وابن عقبة وعروة بن الزبير قالوا: لما نزلت قريش بالحجفة (1) كان فيهم رجل من بني المطلب بن عبد مناف يقال: جهيم بن الصلت بن مخرمة - وأسلم بعد ذلك في حنين - فوضع جهيم رأسه فأغفى، ثم فزع فقال لأصحابه: هل رأيتم الفارس الذي وقف علي آنفا؟ قالوا: لا، إنك مجنون قال: قد وقف علي فارس آنفا، فقال:
قتل أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة، وزمعة، وأبو البختري وأمية بن خلف، وعدد رجالا ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبة بعيره، ثم أرسله في العسكر، فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه من دمه، فقال له أصحابه: إنما لعب بك الشيطان، ورفع الحديث إلى أبي جهل فقال: قد جئتم بكذب المطلب مع كذب بني هاشم.
ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة في رمضان. قال ابن سعد: يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت، وقال ابن هشام: لثمان ليال خلون من شهر رمضان، وضرب عسكره ببئر أبي عنبة - بكسر العين وفتح النون بلفظ اسم المأكول - وهي على ميل من المدينة. فعرض أصحابه، ورد من استصغر منهم، فرد عبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، ورافع بن خديج، والبراء بن عازب، وأسيد بن حضير، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعمير بن أبي وقاص، فقال: ارجع، فبكى فأجازه، فقتل ببدر هو ابن ست عشرة سنة، وأمر أصحابه أن يستقوا من بئر السقيا، وشرب من مائها، وصلى عند بيوت السقيا، ودعا يومئذ للمدينة فقال: اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك دعاك لأهل مكة، وإني محمد عبدك ونبيك أدعوك لأهل المدينة، أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم، اللهم حبب إلينا المدينة، واجعل ما بها من الوباء بخم، اللهم إني حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم خليلك مكة.
وكان خبيب بن إساف ذا بأس ونجدة ولم يكن أسلم، ولكنه خرج منجدا لقومه من الخزرج طالبا للغنيمة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يصحبنا إلا من كان على ديننا فأسلم وأبلى بلاء حسنا، وراح عشية الاحد من بيوت السقيا. وقال صلى الله عليه وسلم حين فصل منها: اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وعراة فاكسهم، وجياع فأشبعهم، وعالة فأغنهم من فضلك.