الخطاب حين بلغه شأنهم: " كيف ترى يا عمر، إني والله لو قتلته يوم قلت لي: اقتله لا رعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته ". قال عمر: قد والله علمت، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري!
تنبيهات الأول: المصطلق - بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المهملتين وكسر اللام بعدها قاف - مفتعل من الصلق وهو رفع الصوت، وهو لقب، واسمه جذيمة - بجيم فذال معجمتين مفتوحة فتحتية ساكنة - ابن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة: بطن من بني خزاعة.
والمريسيع - بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتانيتين بينهما سين مهملة مكسورة وآخره عين مهملة - وهو ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع مسيرة يوم، مأخود من قولهم: رسعت عين الرجل، إذا دمعت من فساد.
الثاني: اختلف في زمن هذه الغزوة، فقال ابن إسحاق: في شعبان سنة ست، وبه جزم خليفة بن خياط والطبري.
وقال قتادة وعروة: كانت في شعبان سنة خمس.
ووقع في صحيح البخاري نقلا عن ابن عقبة أنها كانت في سنة أربع. قال الحافظ: وكأنه سبق قلم، أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع. والذي في مغازي موسى بن عقبة من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في الدلائل وغيرهم: سنة خمس.
ولفظه عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب: ثم قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وبني لحيان في شعبان سنة خمس. ويؤيده ما أخرجه البخاري في الجهاد عن ابن عمر أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق.
وقال الحاكم في الإكليل: قول عروة وغيره أنها كانت في سنة خمس أشبه من قول ابن إسحاق. قال الحافظ: ويؤيده ما ثبت في حديث الإفك أن سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الإفك، أي المذكور في الحوادث، فلو كانت هذه الغزوة في شعبان سنة ست، مع أن الإفك كان فيها، لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطا، لان سعد بن معاذ مات أيام قريظة وكانت سنة خمس على الصحيح، كما سيأتي تقريره، وإن كانت سنة أربع فهو أسد، فظهر أن غزوة بني المصطلق كانت سنة خمس في شعبان، فتكون وقعت قبل الخندق، لان الخندق كانت في شوال من سنة خمس، فتكون بعدها، فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع. ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق، ومات من جراحته بعد أن حكم في بني قريظة.