إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابنا النعاس أمنة منه، ما منهم أحد إلا يغط غطيطا، حتى أن الحجف لتتناطح، ولقد رأيت سيف بشر بن البراء بن معرور سقط من يده، وما يشعر، حتى أخذه بعد ما تثلم، وأن المشركين لتحتنا.
وروى الامام إسحاق بن راهويه عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: والله إن النعاس ليغشاني. وفي رواية: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين اشتد علينا الخوف، وأرسل علينا النوم، فما منا أحد إلا وذقنه في صدره، فوالله إني لاسمع كالحلم قول معتب بن قشير:
" لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا هاهنا " فحفظتها، فأنزل الله تعالى في ذلك: (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة) إلى قوله: (ما قتلنا هاهنا) [آل عمران 154] كقول معتب بن قشير.
قال محمد بن إسحاق: أنزل الله تعالى النعاس أمنة منه لأهل اليقين، فهم نيام لا يخافون، والذين أهمتهم أنفسهم أهل النفاق في غاية الخوف والذعر.
ذكر ما جاء في حضور الملائكة وقتالهم يوم أحد روى أبو داود الطيالسي والشيخان عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عن كأشد القتال، وما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل. ورواه البيهقي. ثم روى مجاهد، قال:
لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر قال البيهقي: مراده لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يصبروا على ما أمرهم به.
روى محمد بن عمر عن شيوخه في قوله تعالى: (بلى إن تصبروا وتتقوا) الآية لم يصبروا وانكشفوا فلم يمدوا.
وروي أيضا عنهم قالوا: قتل مصعب بن عمير فأخذ اللواء ملك في صورة مصعب، وحضرت الملائكة يومئذ ولم تقاتل.
وروى الطبراني وابن منده وابن عساكر من طريق محمود بن لبيد، قال الحارث بن الصمة: سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الشعب عن عبد الرحمن بن عوف، فقلت: رأيته إلى جنب الجبل، فقال: " إن الملائكة تقاتل معه ". قال الحارث: فرجعت إلى عبد الرحمن فوجدت بين يديه سبعة صرعى، فقلت: ظفرت يمينك، أكل هؤلاء قتلت؟ قال: " أما هذا وهذا فأنا قتلتهما، وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره ". فقلت: صدق الله ورسوله.
وروى ابن سعد عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن