وثاب نفر من المهاجرين رماة، منهم عمر بن الخطاب فرموا خيل المشركين حتى هزموهم، وعلا المسلمون الجبل " (1).
وروى الإمام أحمد ومسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول يوم أحد: " اللهم إن تشأ لا تعبد في الأرض " (2) وذكر الأموي في مغازيه: أن المشركين صعدوا على الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: " ارددهم "، قال: كيف أردهم وحدي؟ فقال ذلك ثلاثا، فأخذ سعد سهما من كنانته فرمى به رجلا فقتله قال: ثم أخذت سهمي أعرفه فرميت به آخر فقتلته، ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر، فقتلته، فهبطوا من مكانهم.
وقال ابن جريج: وأنزل الله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) [آل عمران 139].
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يومئذ قاعدا من الجراحة التي أصابته، وصلى المسلمون خلفه قعودا.
ذكر مقتل حسيل وهو بضم الحاء وفتح السين المهملتين ويقال مكبرا، وهو اليمان والد حذيفة، ومقتل ثابت بن وقش - بفتح الواو وإسكان القاف، وبالشين المعجمة - رضي الله عنهما قالوا لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رفع حسيل وثابت بن وقش في الآطام مع النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه - وهما شيخان كبيران - لا أبا لك، ما تنتظر، فوالله ما بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار، إنما نحن هامة اليوم أو غدا، أفلا نأخذ أسيافنا، ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله تعالى يرزقنا الشهادة، فأخذا أسيافهما، ثم خرجا حتى دخلا في الناس من جهة المشركين، ولم يعلم المسلمون بهما. فأما ثابت فقتله المشركون، وأما حسيل فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولم يعرفوه، وقيل: إن الذي قتله عقبة بن مسعود رضي الله عنه، فقال حذيفة: أبي! فقالوا: ما عرفناه وصدقوا، فقال حذيفة يغفر الله تعالى لكم وهو أرحم الراحمين، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.
قال عروة: فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لقي الله تعالى.