وروى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، والشيخان، والبيهقي، عن جابر بن عبد الله، قال: فينا نزلت، في بني حارثة وبني سلمة: (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا) وما يسرني أنها لم تنزل لقول الله تعالى: (والله وليهما) (1).
وروى ابن جرير عن السدي في الآية قال: هم بنو سلمة وبنو حارثة هموا بالرجوع، حين رجع عبد الله بن أبي فعصمهم الله.
وروى الشيخان عن زيد بن ثابت، وابن إسحاق عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قالا: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد خرج معه بأناس، فرجعوا، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين، فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، فأنزل الله تعالى: (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) [النساء 88] ردهم إلى كفرهم بما كسبوا بأعمالهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة ".
وذكر الزهري أن الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع ابن أبي في الاستعانة بحلفائهم من يهود المدينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا حاجة لنا بهم ". قال الجمهور:
بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة وفرسه، وفرس لأبي بردة. وقال ابن عقبة: لم يكن مع المسلمين فرس. ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، واستقبل المدينة، وجعل عينين - الجبل - عن يمينه، وصف المسلمون بأصل أحد، وحانت الصلاة يوم السبت والمسلمون يرون المشركين، فأذن بلال، وأقام، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الصبح صفوفا.
ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم وتهيئته للقتال قال محمد بن عمر الأسلمي: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: " أيها الناس أوصيكم بما أوصاني الله تعالى به في كتابه، من العمل بطاعته، والتناهي عن محارمه، ثم إنكم اليوم بمنزل أجر وذخر لمن ذكر الذي عليه، ثم وطن نفسه له على الصبر واليقين، والجد والنشاط، فإن جهاد العدو شديد كريه، قليل من يصبر عليه إلا من عزم الله تعالى رشده، فإن الله تعالى مع من أطاعه، وإن الشيطان مع من عصاه فافتتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، والتمسوا بذلك ما وعدكم الله تعالى [وعليكم] بالذي أمركم به، فإني حريص على رشدكم،