يزيد الذي كان يطعم الطعام، ولكنه سعى في إطفاء نور الله فأمكن الله منه ".
ولما دخل بالأسارى إلى المدينة فرقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، وقال: استوصوا بالأسارى خيرا، وكان أبو عزيز بن عمير بن هشام أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى، قال أبو عزيز: مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال: شد يديك به فإن أمة ذات متاع لعلها تفديه منك، فقلت: يا أخي هذه وصاتك بي؟ فقال له مصعب: إنه أخي دونك، فسألت أمه عن أعلى ما فدي به أسير، فقيل لها: أربعة آلاف درهم، فبعثت بأربع آلاف درهم ففدته بها، قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدموا غذاءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، قال: فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها علي ما يمسها.
ذكر وصول خبر مصاب أهل بدر إلى أهليهم ومهلك أبي لهب روى قاسم بن ثابت في دلائله، عن سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت، عن أبيه قال:
كانت خوالف قريش تخرج إلى الأبطح وذي طوى، حين خرجت قريش تمنع عيرها، يتحسسون الاخبار، فسمعوا هاتفا بأعلى مكة في اليوم الذي أوقع بهم المسلمون، وهو ينشد بأنفذ صوته ولا يرى شخصه:
أزار الحنيفيون بدرا وقيعة * شينقض منها ركن كسرى وقيصرا أبادت رجالا من لؤي وأبرزت * خرائد يضربن الترائب حسرا فيا ويح من أمسى عدو محمد * لقد جار عن قصد الهدى وتحيرا وقال قائلهم: من الحنيفيون؟ فقالوا: هو محمد وأصحابه يزعمون أنهم على دين إبراهيم الحنيف، فحسبوا فوجدوا الليلة التي أوقع فيها المسلمون أهل بدر في صبيحتها.
وكان أول من قدم [مكة]. بمصابهم الحيسمان - وهو بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية وضم المهملة - ابن إياس الخزاعي - وأسلم بعد ذلك - فقالوا: ما وراءك؟ قال:
قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف، وزمعة بن الأسود، ونبيه منبه ابنا الحجاج، وأبو البختري بن هشام، فلما جعل يعدد أشراف قريش، قال صفوان بن أمية وهو قاعد في الحجر: والله إن يعقل هذا، لقد طار قلبه، فسلوه عني، فقالوا: ما فعل صفوان بن أمية؟ قال: ها هو ذاك قاعدا في الحجر وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا.
وروى ابن إسحاق عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الاسلام قد دخلنا أهل البيت، فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل، وكان