غلام لعلك غضبت عليه! قال: لا والله يا رسول الله، فقد سمعته منه، قال: لعله أخطأ سمعك، قال: لا والله يا رسول الله، قال: فلعله شبه عليك، قال: لا والله يا رسول الله. وشاع في العسكر ما قال ابن أبي، وليس للناس حديث إلا ما قال، وجعل الرهط من الأنصار يؤنبون الغلام ويلومونه، ويقولون: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل، وقد ظلمت وقطعت الرحم! فقال زيد: والله لقد سمعت ما قال، والله ما كان في الخزرج رجل واحد أحب إلي من عبد الله بن أبي، ولو سمعت هذه المقالة من أبي لنقلتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأرجو أن ينزل الله على نبيه ما يصدق حديثي.
فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، مر عباد بن بشر - ويقال: محمد بن مسلمة - فليأتك برأسه، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المقالة، وقال: لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، وقام النفر من الأنصار الذين سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ورده على الغلام، فجاءوا إلى ابن أبي فأخبروه. وقال أوس بن خولي. يا أبا الحباب، إن كنت قلته فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فليستغفر لك. ولا تجحده، فينزل فيك ما يكذبك، وإن كنت لم تقله فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذر له، واحلف له ما قلته. فحلف بالله العظيم ما قال من ذلك شيئا. ثم مشى ابن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بن أبي إن كانت منك مقالة فتب، فجعل يحلف بالله ما قلت ما قال زيد، ولا تكلمت به.! فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عسى أن يكون الغلام أوهم في حديثة ولم يحفظ ما قال الرجل "، حدبا على ابن أبي ودفعا عنه، وكان شريفا في قومه عظيما، فظان يظن أنه قد صدق، وظان يظن به السوء.
ذكر تكبيس ظهره صلى الله عليه وسلم روى محمد بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال: لما كان من أمر ابن أبي ما كان جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فئ شجرة عنده غلام أسود يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله كأنك تشتكي ظهرك! فقال: تقحمت بي الناقة الليلة، فقلت: يا رسول الله ائذن لي أن أضرب عنق ابن أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو كنت فاعلا؟ " قلت:
نعم والذي بعثك بالحق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذن لأرعدت له آنف بيثرب كثيرة، لو أمرتهم بقتله قتلوه، قلت: يا رسول الله فمر محمد بن مسلمة يقتله، قال: لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، قلت: فمر الناس بالرحيل، قال: نعم، قال: فأذنت بالرحيل في الناس، ويقال: لم يشعر أهل العسكر إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد طلع على ناقته القصواء، وكانوا في حر شديد، وكان لا يروح حتى يبرد، إلا أنه لما جاءه خبر ابن أبي رحل في تلك الساعة، فكان أول من لقيه