وروى عبد الرزاق بسند مرسل قوي عن الزهري قال: ضرب وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد سبعين ضربة بالسيف، وقاه الله شرها كلها.
قال الحافظ: ويحتمل أنه أراد بالسبعين حقيقتها، أو المبالغة في الكثرة. انتهى.
وبايعه يومئذ على الموت ثمانية: ثلاثة من المهاجرين، وهم: علي، والزبير، وطلحة.
وخمسة من الأنصار: أبو دجانة، والحارث بن الصمة، والحباب بن المنذر، وعاصم بن ثابت، وسهل بن حنيف، فلم يقتل منهم أحد.
وروى أبو يعلى بسند حسن، عن علي رضي الله عنه قال: لما انجلى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد نظرت في القتلى، فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: والله ما كان ليفر وما أراه في القتلى، ولكن أرى الله تعالى غضب علينا بما صنعنا، فرفع نبيه صلى الله عليه وسلم، فما لي خير من أن أقاتل حتى أقتل، فكسرت جفن سيفي، ثم حملت على القوم فأفرجوا لي، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، أي يقاتلهم صلى الله عليه وسلم.
ذكر تعظيم أجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعله معه المشركون تكاثر المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرادوا قتله. رمى عتبة بن أبي وقاص - لعنه الله - رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أحجار فكسر حجر منها رباعيته اليمنى السفلى وجرح شفته السفلى.
قال الحافظ: والمراد بكسر الرباعية - وهي السن التي بين الثنية والتاب - أنها كسرت فذهب منها فلقة، ولم تقلع من أصلها.
وروى عبد الرزاق في تفسيره عن مقسم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص حين كسر رباعيته ورمى وجهه، فقال: اللهم لا يحول عليه الحول حتى يموت - كافرا، فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار، ورواه أبو نعيم من وجه آخر عن ابن عباس (1).
وروى الحاكم عن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه: أنه لما رأى ما فعل عتبة برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله من فعل بك؟ قال: " عتبة بن أبي وقاص ". قلت: أين توجه؟ فأشار إلى حيث توجه، فمضيت حتى ظفرت به فضربته بالسيف فطرحت رأسه، فأخذت رأسه وفرسه، وجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [فسلم] ذلك إلي، ودعا لي فقال:
" رضي الله عنك "، مرتين (2).