وغدرانا كثيرة، فسأل عن الماء، فقيل: يا رسول الله إذا صفنا قلت المياه، وذهبت الغدر، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة أن يحفر بئرا، وأمر بالنقيع أن يحمى، واستعمل عليه يومئذ بلال بن الحارث المزني - بضم الميم وفتح الزاي وقبل ياء النسب نون - فقال بلال: يا رسول الله وكم أحمي منه؟ فقال: أقم رجلا صيتا إذا طلع الفجر، ثم أقمه على هذا الجبل - يعني مقملا - فحيث انتهى صوته فاحمه لخيل المسلمين وإبلهم التي يغزون عليها، فقال بلال: يا رسول الله، أفرأيت ما كان من سوائم المسلمين؟ فقال: " لا يدخلها "، قلت: يا رسول الله أرأيت المرأة والرجل الضعيف تكون له الماشية اليسيرة وهو يضعف عن التحول؟
قال: " دعه يرعى ".
ذكر مسابقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل والإبل قال محمد بن عمر: سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل والإبل، فسبقت القصواء الإبل، وسبق فرسه الخيل، وكان معه صلى الله عليه وسلم فرسان: لزاز وآخر يقال له الظرب، فسبق يومئذ على الظرب، وكان الذي سبق عليه أبو أسيد الساعدي رضي الله عنه، والذي سبق على ناقته بلال بن رباح.
ذكر نهيه صلى الله عليه وسلم عن طروق النساء وإخباره بعض أصحابه بما وقع له روى محمد بن عمر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنت رفيق عبد الله بن رواحة في غزوة المريسيع، فأقبلنا حتى إذا انتهينا إلى وادي العقيق في وسط الليل، فإذا الناس يعرسون فقلنا: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: تقدم الناس وقد نام، فقال لي عبد الله بن رواحة: يا جابر، هل لك بنا في التقدم والدخول على أهلنا؟ فقلت: يا أبا محمد، لا أحب أن أخالف الناس، لا أرى أحدا تقدم. قال ابن رواحة: والله ما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التقدم. قال جابر: فقلت: أما أنا فلست ببارح. فودعني وانطلق إلى المدينة، فأنظر إليه على ظهر الطريق ليس معه أحد، فطرق أهله بني الحارث بن الخزرج، فإذا مصباح في وسط بيته، وإذا مع امرأته إنسان طويل، فظن أنه رجل، وسقط في يديه، وندم على تقدمه، وجعل يقول: الشيطان مع الغر، فاقتحم البيت رافعا سيفه وقد جرده من غمده يريد أن يضربهما، ثم فكر، فغمز امرأته برجله فاستيقظت فصاحت وهي توسن فقال: أنا عبد الله فمن هذا؟ قالت: رجيلة ماشطتي، سمعنا بقدومكم فباتت عندي، فبات، فلما أصبح خرج معترضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه ببئر أبي عنبة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسير بين أبي بكر الصديق وبشير - بوزن أمير - ابن سعد، فالتفت