مسرورين بذلك، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعلم بنو قريظة حب رجعتهم إلى منازلهم، فأمر بردهم، فبعث من ينادي في إثرهم، فما رجع منهم رجل واحد.
روى الطبراني من طريقين رجالهما ثقات، ومحمد بن عمر، عن عبد الله بن عمر، ومحمد بن عمر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بردهم، قالا:
فجعلنا نصيح في إثرهم في كل ناحية: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا "، فما رجع منهم رجل واحد، من القر والجوع. قالا: وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم سرعتهم، وكره أن يكون لقريش عيون. قال جابر: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيته في بني حرام منصرفا فأخبرته، فضحك صلى الله عليه وسلم.
وكان المنافقون بناحية المدينة يتحدثون بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويقولون: ما هلكوا بعد، ولم يعلموا بذهاب الأحزاب، وسرهم أن جاءهم الأحزاب وهم بأدون في الاعراب، مخافة القتال.
واستشهد من المسلمين ثمانية: سعد بن معاذ - وتأتي ترجمته في حوادث سنة خمس - وأنس بن أوس، وعبد الله بن سهل - رماه رجل من بني عوف أو عويف من بني كنانة - والطفيل بن النعمان - قتله وحشي - وثعلبة بن عنمة - بعين مهملة ونون مفتوحتين - ابن عدي - قتله هبيرة بن أبي وهب المخزومي - وكعب بن زيد [النجاري]، وكان قد ارتث يوم بئر معونة فصح حتى قتل يوم الخندق، قتله ضرار بن الخطاب. هذا ما ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر.
وزاد الحافظ الدمياطي في الأنساب: قيس بن زيد بن عامر، وعبد الله بن أبي خالد، وأبو سنان بن صيفي بن صخر، ذكر الحافظ في الكنى أنه شهد بدرا، واستشهد في الخندق.
وقتل من المشركين ثلاثة: عمرو بن عبد ود قتله علي بن أبي طالب. ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، قتله الزبير بن العوام، ويقال: علي بن أبي طالب. وعثمان بن منبه، مات بمكة من رمية رميها يوم الخندق.
ذكر كتاب أبي سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم روى محمد بن عمر عن أبي وجزة السعدي - بفتح الواو وسكون الجيم وفتح الزاي - واسمه يزيد بن عبيد، قال: لما ملت قريش المقام، وأجدب الجناب وضاقوا بالخندق، وكان أبو سفيان على طمع أن يغيروا على بيضة المدينة كتب كتابا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه:
باسمك اللهم فإني أحلف باللات والعزى: لقد سرت إليك في جمع، وأنا أريد ألا أعود