وقال الواقدي: أخبرنا عبد الله بن وابصة العبسي، عن أبيه، عن جده قال:
جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منازلنا بمنى، ونحن نازلون بإزاء الجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف وهو على راحلته مردفا خلفه زيد بن حارثة، فدعانا فوالله ما استجبنا له ولا خير لنا.
قال: وقد كنا سمعنا به وبدعائه في المواسم، فوقف علينا يدعونا فلم نستجب له وكان معنا ميسرة بن مسروق العبسي، فقال لنا: أحلف بالله لو قد صدقنا هذا الرجل وحملناه حتى نحل به وسط بلادنا لكان الرأي، فأحلف بالله ليظهرن أمره حتى يبلغ كل مبلغ.
فقال القوم: دعنا منك لا تعرضنا لما لا قبل لنا به.
وطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميسرة، فكلمه، فقال ميسرة: ما أحسن كلامك وأنوره، ولكن قومي يخالفونني، وإنما الرجل بقومه، فإذا لم يعضدوه فالعدى أبعد.
فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج القوم صادرين إلى أهليهم. فقال لهم ميسرة: ميلوا نأتى فدك فإن بها يهودا نسائلهم عن هذا الرجل. فمالوا إلى يهود فأخرجوا سفرا لهم فوضعوه ثم درسوا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي يركب الحمار ويجتزئ بالكسرة، ليس بالطويل ولا بالقصير ولا بالجعد ولا بالسبط، في عينيه حمرة، مشرق اللون. فإن كان هو الذي دعاكم فأجيبوه وادخلوا في دينه، فإنا نحسده ولا نتبعه، وإنا [منه] في مواطن بلاء عظيم ولا يبقى أحد من العرب إلا اتبعه وإلا قاتله فكونوا ممن يتبعه.
فقال ميسرة: يا قوم ألا [إن] هذا الامر بين.