نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له، ثم قال: قتل عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو الحكم بن هشام، وأمية بن خلف وفلان وفلان، فعد رجالا ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش، ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقى خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه.
فبلغت أبا جهل لعنه الله فقال: هذا أيضا نبي آخر من بني المطلب! سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا.
* * * قال ابن إسحاق: ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش: إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجاها الله فارجعوا.
فقال أبو جهل بن هشام: والله لا نرجع حتى نرد بدرا، وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام، فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزور (1) ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا، فامضوا.
وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي، وكان حليفا لبني زهرة، وهم بالجحفة: يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم، وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا (2) بي جبنها وارجعوا، فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة، لا ما يقول هذا.
قال: فرجعوا فلم يشهدها زهري واحد، أطاعوه وكان فيهم مطاعا.
ولم يكن بقى بطن من قريش إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي، لم يخرج منهم