وقال البيهقي: حدثنا الحاكم، أخبرنا الأصم، أخبرنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق قال:
ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون رجلا وهو بمكة، أو قريب من ذلك، من النصارى حين ظهر خبره من أرض الحبشة، فوجدوه في المجلس، فكلموه وسألوه، ورجال قريش في أنديتهم حول الكعبة.
فلما فرغوا من مساءلتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوا فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا له وآمنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره.
فلما قاموا من عنده اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش فقال: خيبكم الله من ركب! بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم فتأتونهم بخبر الرجل، فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال لكم، ما نعلم ركبا أحمق منكم!
أو كما قال.
قالوا لهم: لا نجاهلكم، سلام عليكم، لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا نألون أنفسنا خيرا.
فيقال: إن النفر من نصارى نجران، والله أعلم أي ذلك كان.
ويقال، والله أعلم، أن فيهم نزلت هذه الآيات: " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به، إنه الحق من ربنا، إنا كنا من قبله مسلمين، أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرأون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون. وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين (1) ".