قلت: أما أبو ياسر واسمه حيى بن أخطب فلا أدرى ما آل إليه أمره، وأما حيى ابن أخطب والد صفية بنت حيى فشرب عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يزل ذلك دأبه لعنه الله حتى قتل صبرا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل مقاتلة بني قريظة. كما سيأتي إن شاء الله.
فصل ولما ارتحل عليه السلام من قباء وهو راكب ناقته القصواء، وذلك يوم الجمعة، أدركه وقت الزوال وهو في دار بني سالم بن عوف، فصلى بالمسلمين الجمعة هنالك، في واد يقال له وادى رانواناء.
فكانت أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين بالمدينة، أو مطلقا، لأنه، والله أعلم، لم يكن يتمكن هو وأصحابه بمكة من الاجتماع حتى يقيموا بها جمعة ذات خطبة وإعلان بمواعظة، وما ذاك إلا لشدة مخالفة المشركين له، وأذيتهم إياه.
ذكر خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ قال ابن جرير: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، أنه بلغه عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عمرو بن عوف رضي الله عنهم: " الحمد لله أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق والنور والموعظة على