ففعل عداس، ثم ذهب به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له كل.
فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فيه قال: " بسم الله " ثم أكل، ثم نظر عداس في وجهه، ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس وما دينك؟ قال:
نصراني وأنا رجل من أهل نينوى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟
فقال له عداس: وما يدريك ما يونس بن متى؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذلك أخي كان نبيا وأنا نبي.
فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه.
قال: يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد أفسده عليك.
فلما جاء عداس قالا له: ويلك يا عداس! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
قال: يا سيدي ما في الأرض شئ خير من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي.
قالا له: ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.
* * * وقد ذكر موسى بن عقبه نحوا من هذا السياق، إلا أنه لم يذكر الدعاء وزاد:
وقعد له أهل الطائف صفين على طريقه، فلما مر جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموه، فخلص منهم وهما يسيلان الدماء، فعمد إلى ظل نخلة