وأصحابه صبيحة رابعة، يعنى مكة، عام عمرة القضاء، فقال المشركون: إنه يقدم عليكم وفد قد وهنهم حمى يثرب، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرملوا وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعه أن يرملوا الأشواط كلها إلا الابقاء عليهم.
قلت: وعمرة القضاء كانت في سنة سبع في ذي القعدة، فإما أن يكون تأخر دعاؤه عليه السلام بنقل الوباء إلى قريب من ذلك، أو أنه رفع وبقى آثار منه قليل، أو أنهم بقوا في خمار ما كان أصابهم من ذلك إلى تلك المدة. والله أعلم.
وقال زياد عن ابن إسحاق: وذكر ابن شهاب الزهري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو وأصحابه أصابتهم حمى المدينة حتى جهدوا مرضا، وصرف الله ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم، حتى كانوا وما يصلون إلا وهم قعود.
قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك فقال لهم: " اعلموا أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم " فتجشم المسلمون القيام على ما بهم من الضعف والسقم، التماس الفضل!
فصل في عقده عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار بالكتاب الذي أمر به فكتب بينهم والمؤاخاة التي أمرهم بها وقررهم عليها، وموادعته اليهود الذين كانوا بالمدينة وكان بها من أحياء اليهود بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة.
وكان نزولهم بالحجاز قبل الأنصار أيام بختنصر حين دوخ بلاد المقدس. فيما ذكره الطبري.