قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك!؟ فروا رأيكم.
فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس، فأتى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها المطاع فيها، هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟
قال: وما ذلك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو ابن الحضرمي. قال: قد فعلت، أنت على بذلك، إنما هو حليفي فعلى عقله وما أصيب من ماله. فأت ابن الحنظلية، يعنى أبا جهل، فإني لا أخشى أن يشجر (1) أمر الناس غيره.
ثم قال عتبة خطيبا فقال: يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر إلى وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه، أو ابن خاله، أو رجلا من عشيرته، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن أصابوه فذلك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون.
قال حكيم: فانطلقت حتى جئت أبا جهل، فوجدته قد نثل درعا فهو يهنئها (2) فقلت له: يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا. فقال: انتفخ والله سحره (3) حين رأى محمدا وأصحابه، فلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه رأى محمدا وأصحابه أكلة جزور، وفيهم ابنه، فقد تخوفكم عليه.
ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي، فقال: هذا حليفك يريد أن يرجع الناس، وقد