ومن جعل كل رواية إسراء على حدة كما تقدم عن بعضهم فقد أبعد جدا.
وذلك أن كل السياقات فيها السلام على الأنبياء، وفى كل منها يعرفه بهم، وفى كلها يفرض عليه الصلوات، فكيف يمكن أن يدعى تعدد ذلك؟!
هذا في غاية البعد والاستحالة. والله أعلم.
ثم قال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ". قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به إلى بيت المقدس. " والشجرة الملعونة في القرآن " قال: هي شجرة الزقوم.
فصل ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من صبيحة ليلة الاسراء جاءه جبرائيل عند الزوال، فبين له كيفية الصلاة وأوقاتها.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فاجتمعوا، وصلى به جبرائيل في ذلك اليوم إلى الغد والمسلمون يأتمون بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقتدى بجبرائيل، كما جاء في الحديث عن ابن عباس وجابر: " أمنى جبرائيل عند البيت مرتين ".
فبين له الوقتين الأول والآخر، فهما وما بينهما الوقت الموسع، ولم يذكر توسعة في وقت المغرب.
وقد ثبت ذلك في حديث أبي موسى وبريدة وعبد الله بن عمرو، وكلها في صحيح مسلم. وموضع بسط ذلك في كتابنا " الاحكام " ولله الحمد.
فأما ما ثبت في صحيح البخاري عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: " فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ".