فقال القوم: نرجع إلى الموسم ونلقاه فرجعوا إلى بلادهم وأبى ذلك عليهم رجالهم، فلم يتبعه أحد منهم.
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وحج حجة الوداع لقاه ميسرة فعرفه. فقال: يا رسول الله والله ما زلت حريصا على اتباعك من يوم أنخت بنا حتى كان ما كان، وأبى الله إلا ما ترى من تأخر إسلامي، وقد مات عامة النفر الذين كانوا معي، فأين مدخلهم يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل من مات على غير دين الاسلام فهو في النار.
فقال: الحمد لله الذي أنقذني. فأسلم وحسن إسلامه، وكان له عند أبي بكر مكان.
وقد استقصى الإمام محمد بن عمر الواقدي فقص [خبر] القبائل واحدة واحدة فذكر عرضه عليه السلام نفسه على بنى عامر وغسان وبني فزارة وبني مرة وبني حنيفة وبني سليم وبني عبس وبني نضر بن هوازن، وبني ثعلبة بن عكابة، وكندة وكلب وبني الحارث بن كعب وبني عذرة وقيس بن الحطيم وغيرهم.
وسياق أخبارها مطولة، وقد ذكرنا من ذلك طرفا صالحا ولله الحمد والمنة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أسود بن عامر، أخبرنا إسرائيل، عن عثمان، يعنى ابن المغيرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف (1)، فيقول: " هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي عز وجل؟ ".