لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر في بعض حاجتنا، إذ أقبل عمر فوقف وهو على شركه، فقالت: وكنا نلقى منه أذى لنا وشدة غلينا.
قالت: فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله؟!
قلت: نعم، والله لنخرجن في أرض من أرض الله، إذ آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا مخرجا.
قالت: فقال: صحبكم الله!
ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا.
قالت: فجاء عامر بحاجتنا تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا!
قال: أطمعت في إسلامه؟ قالت: قلت: نعم.
قال: لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب!
قالت: يأسا منه، لما كان يرى من غلظته وقسوته على الاسلام.
* * * قلت: هذا يرد قول من زعم أنه كان تمام الأربعين من المسلمين. فإن المهاجرين إلى الحبشة كانوا فوق الثمانين.
اللهم إلا أن يقال: إنه كان تمام الأربعين بعد خروج المهاجرين.
ويؤيد هذا ما ذكره ابن إسحاق ههنا في قصة إسلام عمر وحده رضي الله عنه، وسياقها، فإنه قال:
وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب، وكانت عند سعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل، كانت قد أسلمت، وأسلم زوجها سعيد بن زيد، وهم مستخفون بإسلامهم من عمر.