قالت: وكان لأبي بكر مسجد عند باب داره في بنى جمح، فكان يصلى فيه، وكان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى.
قالت: فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء، يعجبون لما يرون من هيئته.
قال: فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة فقالوا: يا ابن الدغنة، إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا، إنه رجل إذا صلى وقرأ ما جاء به محمد يرق وكانت له هيئة، ونحن نتخوف على صبياننا ونسائنا وضعفائنا أن يفتنهم، فأته فمره أن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء.
قالت: فمشى ابن الدغنة إليه فقال: يا أبا بكر، إني لم أجرك لتؤذي قومك، وقد كرهوا مكانك الذي أنت به وتأذوا بذلك منك، فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت.
قال: أو أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله.
قال: فاردد على جواري. قال: قد رددته عليك.
قال: فقام ابن الدغنة فقال: يا معشر قريش، إن ابن أبي قحافة قد رد على جواري، فشأنكم بصاحبكم.
* * * وقد روى الامام البخاري هذا الحديث (1) متفردا به، وفيه زيادة حسنة.
فقال: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، قال ابن شهاب (2) فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
لم أعقل أبوي (3) قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه