رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر، وفى يده قدح (1) يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار وهو مستنتل (2) من الصف.
فطعن في بطنه بالقدح وقال: " استو يا سواد ".
فقال: يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني. فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال: استقد. قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال:
ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك.
فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقاله.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، أن عوف بن الحارث، وهو ابن عفراء، قال: يا رسول الله ما يضحك (3) الرب من عبده؟ قال: " غمسه يده في العدو حاسرا ".
فنزع درعا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.
قال ابن إسحاق: ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى العريش فدخله ومعه أبو بكر ليس معه فيه غيره.
وقال ابن إسحاق وغيره: وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه واقفا على باب العريش متقلدا بالسيف ومعه رجال من الأنصار، يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا عليه من أن يدهمه العدو من المشركين، والجنائب النجائب مهيأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن احتاج إليها ركبها ورجع إلى المدينة، كما أشار به سعد بن معاذ.
وقد روى البزار في مسنده من حديث محمد بن عقيل، عن علي أنه خطبهم فقال:
يا أيها الناس من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت يا أمير المؤمنين.