قلت: وفى هذا قوله تعالى " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام " (1).
فذكر أنه طهرهم ظاهرا وباطنا، وأنه ثبت أقدامهم وشجع قلوبهم وأذهب عنهم تخذيل الشيطان وتخويفه للنفوس ووسوسته الخواطر، وهذا تثبيت الباطن والظاهر، وأنزل النصر عليهم من فوقهم في قوله: " إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم، فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الأعناق " أي على الرؤوس " واضربوا منهم كل بنان " أي لئلا يستمسك منهم السلاح " ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب، ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار " (2).
قال ابن جرير: حدثني هارون بن إسحاق، حدثنا مصعب بن المقدام، حدثنا إسرائيل، حدثنا أبو إسحاق، عن حارثة، عن علي بن أبي طالب، قال: أصابنا من من الليل طش (3) من المطر، يعنى الليلة التي كانت في صبيحتها وقعة بدر، فانطلقنا تحت الشجر والحجف (4) نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى قائما يصلى، وحرض على القتال.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي، قال: ما كان فينا فارس يوم بدر إلا المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح.
وسيأتي هذا الحديث مطولا.