فصل في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على أحياء العرب في مواسم الحج أن يؤووه وينصروه ويمنعوه ممن كذبه وخالفه، فلم يجبه أحد منهم لما ذخره الله تعالى للأنصار من الكرامة العظيمة رضي الله عنهم قال ابن إسحاق: ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه، إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم، إذا كانت، على قبائل العرب يدعوهم إلى الله عز وجل، ويخبرهم أنه نبي مرسل، ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين عن الله ما بعثه به.
قال ابن إسحاق: فحدثني من أصحابنا من لا أتهم، عن زيد بن أسلم، عن ربيعة بن عباد الدؤلي (1)، ومن حدثه أبو الزناد عنه، وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال: سمعت ربيعة بن عباد يحدثه أبى، قال: إني لغلام شاب مع أبي بمنى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب فيقول:
" يا بنى فلان إني رسول الله إليكم، آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي، وتمنعوني حتى أبين عن الله ما بعثني به ".