من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من يخالفك أيكون لنا الامر من بعدك؟
قال: " الامر لله يضعه حيث يشاء ".
قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الامر لغيرنا!
لا حاجة لنا بأمرك. فأبوا عليه.
فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كان أدركه السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتى من قريش، ثم أحد بني عبد المطلب، يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا.
قال: فوضع الشيخ يده على رأسه ثم قال: يا بنى عامر هل لها من تلاف؟ هل لذناباها من مطلب؟ والذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم!
* * * وقال موسى بن عقبة عن الزهري: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنين يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم، ويكلم كل شريف قوم، لا يسألهم مع ذلك إلا أن يؤووه ويمنعوه، ويقول: " لا أكره أحدا منكم على شئ، من رضى منكم بالذي أدعوه إليه فذلك، ومن كره لم أكرهه، إنما أريد أن تحرزوني فيما يراد لي من القتل حتى أبلغ رسالة ربى، وحتى يقضى الله لي ولمن صحبني بما شاء.
فلم يقبله أحد منهم، وما يأتي أحدا من تلك القبائل إلا قال: قوم الرجل أعلم به، أترون أن رجلا يصلحنا وقد أفسد قومه ولفظوه!