قال ابن هشام: وذكر لي عن أبي عثمان النهدي أنه قال: بلغني أن صهيبا حين أراد الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟! والله لا يكون ذلك.
فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم.
قال: فإني قد جعلت لكم مالي.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ربح صهيب، ربح صهيب ".
وقد قال البيهقي: حدثنا الحافظ أبو عبد الله، إملاء، أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال، أخبرنا عبدان الأهوازي، حدثنا زيد بن الجريش، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، حدثنا حصين بن حذيفة بن صيفي بن صهيب، حدثني أبي وعمومتي، عن سعيد بن المسيب، عن صهيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين، فإما أن تكون هجر أو تكون يثرب ".
قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وخرج معه أبو بكر، وكنت قد هممت معه بالخروج فصدني فتيان من قريش، فجعلت ليلتي تلك أقوم لا أقعد، فقالوا: قد شغله الله عنكم ببطنه. ولم أكن شاكيا، فناموا. فخرجت ولحقني منهم ناس بعد ما سرت يريدون ليردوني، فقلت لهم: إن أعطيتكم أواقي من ذهب وتخلون سبيلي وتوفون لي؟ ففعلوا فتبعتهم إلى مكة. فقلت: احفروا تحت أسكفة الباب فإن بها أواقي، واذهبوا إلى فلانة فخذوا الحلتين.
وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء قبل أن يتحول منها،