قال: ثم انتهينا إلى مجلس عليه السكينة والوقار، وإذا مشايخ لهم أقدار وهيئات، فتقدم أبو بكر فسلم. قال على: وكان أبو بكر مقدما في كل خير.
فقال لهم أبو بكر: ممن القوم؟ قالوا من بني شيبان بن ثعلبة، فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي ليس بعد هؤلاء من عز في قومهم. وفى رواية: ليس وراء هؤلاء عذر من قومهم، وهؤلاء غرر في قومهم، وهؤلاء غرر الناس.
وكان في القوم مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك.
وكان أقرب القوم إلى أبى بكر مفروق بن عمرو، وكان مفروق بن عمرو قد غلب عليهم بيانا ولسانا، وكانت له غديرتان تسقطان على صدره، فكان أدنى القوم مجلسا من أبى بكر.
فقال له أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ فقال له: إنا لنزيد على ألف، ولن تغلب ألف من قلة.
فقال له: فكيف المنعة فيكم؟ فقال: علينا الجهد ولكل قوم جد.
فقال أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟
فقال مفروق: إنا أشد ما نكون لقاء حين نغضب، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله، يديلنا مرة ويديل علينا [مرة] (1)، لعلك أخو قريش؟
فقال أبو بكر: إن كان بلغكم أنه رسول الله فها هو هذا.
فقال مفروق: قد بلغنا أنه يذكر ذلك.